مركز الأمن القومي في الكيان منشغل بنتائج الخسارة
محمد نادر العمري
بكثير من التتبع والقلق والخشية، مازالت مراكز الدراسات داخل الكيان الإسرائيلي تتناول أثر وتداعيات الفشل الإسرائيلي الأخير في عدوانه على غزة بتحقيق أي من أهدافه، ولعلّ أبرز هذه الدراسات وآخرها ما تناوله مركز أبحاث “الأمن القومي الإسرائيلي” مطلع الشهر الحالي، والذي أشار إلى أن الفشل يعتبر استراتيجياًـ ليس لأنه لم يحقق أياً من أهدافه في تدمير البنى الصاروخية والممرات السرية لفصائل المقاومة، ولا من حيث الفشل الاستخباراتي في استهداف قيادة الفصائل، ولا حتى في استهداف الكيان بأكثر من 4 آلاف صاروخ فقط، بل الفشل هو أبعد من ذلك، ويصل مرحلة الفشل الاستراتيجي، لأن حزب الله في الشمال تابع بدقة متناهية النظير تطورات المعركة، وامتلك مفاتيح قوة جديدة من خلال معرفته الثغرات الأمنية والعسكرية وحتى الاجتماعية للكيان.
وأشارت الدراسة إلى أن الحزب، الذي نقل نتائج خبراته المتراكمة قتالياً مع الكيان لمصلحة الفصائل الفلسطينية منذ 2006 في غزة رغم الحصار، دوّن في المقابل ملاحظاته الميدانية في العدوان الأخير وأثبت نجاعة رؤيته بضرورة امتلاك صواريخ دقيقة كماً ونوعاً، والاستمرار في بناء سلسلة منظمة من السراديب العميقة لتعطيل فعالية سلاح الجو الإسرائيلي، والاعتماد أكثر على المرونة في الحركة، وإطلاق الصواريخ من نقاط متعدّدة عبر هذه السراديب المتصلة والكثيرة وبعدد قليل من المقاتلين، مما يشتّت التركيز الإسرائيلي على معرفة نقاط الإطلاق، والأهم الاعتماد على الكثافة النارية المتتالية، والتي قد تعتمد على صواريخ بدائية من شأنها التشويش على القبة الحديدة وإفراغ ذخيرتها الردعية، ومن ثم إطلاق الصواريخ النوعية ذات القدرة التدميرية في الرشقات الثانية والثالثة وما فوق، مما يضمن تأكيد تحقيق الهدف.
مع الإشارة إلى اختلاف المقارنة بين الحزب والفصائل في غزة، حيث أكد التقرير أن التداعيات الناجمة عن الصواريخ التي أطلقت في غزة لن تكون سوى ذاكرة قد يترحم عليها المستوطنون أمام الصواريخ التي يمتلكها الحزب، ومن المتوقع إطلاقها في حال أي اعتداء على لبنان مستقبلاً.
تشير التقديرات الإسرائيلية إلى أن تمكّن فصائل المقاومة في فلسطين، وعلى الرغم من الحصار، من إطلاق ما معدله 400 صاروخ يومياً، والخسائر التي نجمت عنها بما يقدّر من مليار ونصف المليار دولار سيكون بسيطاً جداً بالمقارنة مع عدد الصواريخ المتوقع إطلاقها من قبل حزب الله والتي تراوحت التقديرات في تعدادها بين 900 إلى 1000 صاروخ يومياً وبقوة تدميرية تفوق سابقتها بسبعة إلى 10 أضعاف.
ومن النقاط التي أضاءت عليها الدراسة أيضاً تحوّل عرب 48 لورقة ضغط على الكيان، الأمر الذي يشجّع حزب الله على دعوة الجمهور العربي في داخل الكيان الإسرائيلي لاستخدام الأسلوب ذاته في أي صراعٍ عسكري مقبل، أي في حال اندلاع حرب متعدّدة الساحات تشمل أيضاً إطلاق الصواريخ من قطاع غزة باتجاه العمق الإسرائيلي، وفق دراسة مركز أبحاث الأمن القومي.
هذه النقاط وغيرها قد تكون السبب في إطلاق الأمين العام لحزب الله عبارة أي اعتداء على القدس يجب أن يكون مقابله حرب إقليمية، لأن الحزب اليوم خصوصاً، ومحور المقاومة عموماً، بات أكثر قوة.