أليس قندلفت الدمشقية المنسية
تقرّ وثائق الأمم المتحدة أنها واحدة من النساء اللواتي لا ينسى حضورهن، فقد كانت في سنوات عملها في الأمم المتحدة مثالاً حياً لمن يؤمن بقضية ويدافع عنها وصولاً إلى التماهي معها حدّ الالتصاق، فكيف إذا كانت قضيتها قضية وطن يراد به السوء وبإمكانها أن تقدّم له من روحها وفكرها؟ هكذا وصفت أ. إيمان النايف أليس قندلفت الدبلوماسية الأولى ليس فقط على مستوى سورية والعالم العربي بل في دول العالم الثالث، وذلك ضمن المحاضرة التي ألقتها مؤخراً في مركز ثقافي أبي رمانة بإدارة أ. فرحات الكسم، مؤكدة أن سورية لم تتوقف عبر تاريخها عن إبداع الحياة ودفعها إلى العالم.
من هي؟
لأن اسمها ليس من الأسماء المتداولة كثيراً عبر وسائل الإعلام، وكثيرون لم يسمعوا بها بدأت النايف محاضرتها بالتعريف بقندلفت، مبينة أنها ولدت عام 1895 في دمشق لعائلة من عائلاتها العريقة التي كانت تقطن دمشق القديمة محلة القيميرية، ودرست في المدرسة الآسية للبنات، ثم انتقلت إلى بيروت وانتسبت إلى الكلية البروتستانتية السورية “الجامعة الأمريكية حالياً”، وبعد تخرجها مباشرة رُشحت ونازك العابد من قبل عبد الرحمن الشهبندر لدراسة الماجستير في أميركا، وما إن عادت حتى عملت معه حتى العام 1940. وأوضحت النايف أن قندلفت عملت كثيراً مع رئيس الوزراء السوري وقتها “فارس الخوري” حتى بعد الاستقلال، حيث كلفها بتمثيل سورية في الأمم المتحدة لتكون أول امرأة عربية تقود وفد بلادها، وقد كانت من أوائل السيدات على صعيد العالم كلّه.
صالونها الأدبي
أكدت النايف أن قندلفت عبر تاريخها السياسي الحافل لم تنسَ اهتماماتها التي عرفت عنها، حيث أسّست صالوناً أدبياً سياسياً في دمشق في فندق أمية القديم عام 1942 وكان الأول من نوعه في البلاد وكان يجتمع فيه “فارس الخوري، عمر أبو ريشة، فخري البارودي، ومحمد سليمان الأحمد”.. وغيرهم، ومن هذا المنتدى انطلقت عدة حركات سياسية كوّنت أحزاباً مؤثرة في الحياة السياسية السورية اللاحقة، ومنها حزب البعث، وقد شاركت في أول اجتماع تأسيسي لحزب البعث العربي الاشتراكي عام 1939 كما شاركت بتأسيس المنتدى الفكري عام 1946.
مندوبة سورية في الأمم المتحدة
أشارت النايف إلى أن قندلفت وبتاريخ 5 كانون الثاني 1945 حضرت جلسة الأمم المتحدة الخاصة بأحوال المرأة حول العالم، وقدمت مداخلتها المتضمّنة الحديث عن أوضاع النساء في العالم العربي وفي سورية بوجه خاص، مركزة على الهدف الكبير وهو تحقيق استقلال سورية من الاستعمار الفرنسي، ودافعت في اللقاء الدولي لحقوق المرأة الاقتصادية أثناء الاجتماع الأربعين للأمم المتحدة عن حقوق المرأة في التملك، كما استطاعت أن تسجّل حضوراً مميزاً في أروقة الأمم المتحدة، حيث التقت بعدد من ممثلي الدول المؤثرة وقتها للدفاع عن القضية السورية وجذب مواقف هذه الدول باتجاه تأييد فكرة الاستقلال التي تمّت عام 1946 متوّجة بخروج الفرنسيين من سورية. ونوهت النايف كذلك بما جاء في كتاب السفيرة اللبنانية مي ريحاني من بيروت إلى واشنطن ولقائها بها في حفل غداء أقامته اليونسكو، حيث وصفتها بـ “السيدة الراقية التي تنتمي إلى طبقة مثقفة ندر وجودها في العالم العربي”، وختمت النايف محاضرتها بأن قندلفت استقرت أواخر الخمسينيات في لبنان وتوفيت منتصف الستينيات فيها حيث لم تعمر طويلاً.
أمينة عباس