هل سينتهي التدخل العسكري؟
تقرير إخباري
بعد مرور ما يقارب من عشرين عاماً على ما يُسمّى بـ”الحرب على الإرهاب” التي دشّنها الرئيس الأمريكي الأسبق جورج دبليو بوش في أعقاب هجمات أيلول 2001، تسابق القوات الغربية الزمن لمغادرة أفغانستان هذا الشهر، فيما أكدت فرنسا أنها تنوي تخفيض حجم قواتها العسكرية في جمهورية مالي في القارة الأفريقية، وفي العراق لم يعد للقوات البريطانية والغربية الأخرى دور قتالي يُذكر. فهل يقترب عصر الانتشار العسكري الكبير للجنود على الأرض في مناطق الحروب البعيدة من نهايته؟.
إن ارتفاع معدّل قتلى القوات الغربية له أثمانه الباهظة على الصعيد السياسي في الداخل، فقد قتل أكثر من 58 ألف أمريكي في حرب فيتنام، وهذا العدد الكبير من القتلى كان من بين العوامل التي عجّلت بنهاية الحرب. كما فقدت فرنسا ما يزيد عن 50 جندياً في مالي منذ عام 2013، وخسرت مهمتها العسكرية هناك، وحتى خرجت تقارير تفيد بأن الحكومة تجري محادثات سرية مع الإرهابيين، وهو ما حدا بالرئيس إيمانويل ماكرون إلى التهديد بسحب القوات الفرنسية كلياً من مالي.
ومن ناحية أخرى هناك التكلفة المالية لمثل هذه الحروب والتي تتجاوز التوقعات والتقديرات الأولية في معظم الحالات، لذلك كانت عمليات نشر القوات العسكرية على نطاق واسع ولمدد طويلة مكلفة للغاية من ناحية الأرواح والمال والرصيد السياسي على المستوى السياسي الداخلي.
ونظراً لما سبق لم تعد عمليات الانتشار العسكرية الكبيرة غير محدّدة المدة واردة من الآن فصاعداً، فقد دفعت ما تميّزت به الصراعات الأخيرة من خصائص إلى إعادة التفكير جذرياً في الأولويات الإستراتيجية، خاصةً وأن الحرب القصيرة في القوقاز بين أذربيجان وأرمينيا شهدت تدمير دبابات الأخيرة بواسطة طائرات من دون طيار رخيصة الثمن قدمتها تركيا، وكان يتمّ توجيهها إلى أهدافها دون أن يواجه القائمون على إدارتها وتشغيلها خطراً يُذكر.
إذن التوجّه الحالي هو الانتقال من النظام العالمي المبنيّ على الدول إلى حروب بلا دول، لأن قلة الجنود على الأرض تعني حتماً اعتماداً أكبر على التكنولوجيا الرقمية المتطورة بما في ذلك الذكاء الاصطناعي. وبذلك سيكون جيش اليوم أكثر ترابطاً، وأكثر سرعة وأسرع في الانتشار، وأكثر ترابطاً رقمياً، وسيكون الجندي متصلاً بالأقمار الصناعية، وأكثر تركيزاً على قوات العمليات الخاصة.
هناء شروف