سويسرا التائهة من قرارات الاتحاد الأوروبي
تقرير إخباري
من المهمّ أن يفكر الاتحاد الأوروبي في أخطائه خلال سنوات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وخاصةً لجهة تعزيز وجهات النظر المؤيدة لخروج بريطانيا من الاتحاد.
تعدّ سويسرا والمملكة المتحدة من بين أغنى دول العالم، وكلاهما ديمقراطيات قديمة جداً، وما ألهم البريطانيين ودفعهم إلى المغادرة هو بالضبط نهج الاتحاد الأوروبي نفسه الذي منع السويسري من الانضمام. في كلتا الحالتين، كان الأمر مصحوباً بتهديدات التدهور الاقتصادي الحتمي، أي أن الحجة المؤيدة للاتحاد الأوروبي كانت نفعية، لكن لم تنجح هذه الحجة سياسياً لأن المنفعة لا يتمّ توزيعها بالتساوي بين الناخبين. بعبارة أخرى، هناك فئة واحدة تمتّعت بمزايا عضوية الاتحاد الأوروبي بينما لم تجد فئات أخرى أي مكاسب على الإطلاق.
كان من شأن انضمام سويسرا أن يضمن لها الوصول إلى السوق الموحدة، وفتح الباب أمام اتفاقيات جديدة في مجال الطاقة والرعاية الصحية. وقد وقعت سويسرا بالفعل أكثر من 120 اتفاقية ثنائية مع الاتحاد الأوروبي، لكن هذه الاتفاقيات الثنائية تمثل إشكالية لأنه كان لا بد من إعادة التفاوض بشأنها في كل مرة تتغيّر فيها قوانين الاتحاد الأوروبي.
تتركز الأسباب التي أدّت إلى عدم انضمام سويسرا للاتحاد في ثلاث نقاط خلافية لم يتمّ حلها منذ عام 2018، وهي حماية الأجور، وقواعد مساعدة الدولة، وحصول مواطني الاتحاد الأوروبي على مزايا الضمان الاجتماعي السويسري.
كان هناك رفض داخلي من اليمين واليسار، فقد رفض حزب الشعب السويسري المحافظ الاندماج الأوروبي، واحتفل بالقرار باعتباره انتصاراً للسيادة السويسرية. أما فيما يتعلق بقضية حماية الأجور، يتعرض الحزب الديمقراطي الاجتماعي المؤيد لأوروبا لضغوط من النقابات لمعارضة الاتفاقية. لكن مزايا الضمان الاجتماعي السويسري كانت القضية الأكثر إثارة للجدل، حيث قال وزير الخارجية السويسري إغناسيو كاسيس، إن التنازلات ستشكل تحولاً جوهرياً في سياسة الهجرة في البلاد، وتهديداً للصفقات الثنائية التي قاربت على الانتهاء.
لذلك يجب على الاتحاد الأوروبي أن يفكر بعمق بشأن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي و”الحذر” السويسري، وتجنّب افتراض أن هذه مؤامرة يمينية. وبهذه الطريقة تحترم الحقوق الديمقراطية لجميع البلدان، وتقدم لهم خياراً من الفوائد والالتزامات. إنها حالة النصف -رفضتها المملكة المتحدة- التي تسبّب كل المشكلات.
عناية ناصر