خلل في الخطط الزراعية.. وتصدير الخضار “يجوّع” الفلاح والمواطن
دمشق – ميس بركات
من يراقب وضع الأسعار اليوم يلاحظ اكتواء المواطن بنيرانها التي لا ترحم والتي تقول له غير آبهة بمعاناته، “أينما ذهبت فلن ترى سوى الأسعار المرتفعة، وما عليك عزيزي المواطن إلا أن تلحق الصبر بالصبر وتنتظر فرجاً عسى أن يأتيك من السماء بعدما ضاقت بك الأرض” ..هذه حال السوريين اليوم، فبعد أن جهدت الحكومة في قراراتها على تغييب اللحوم عن موائدهم، تسعى اليوم إلى تغييب الخضار والفواكه عن هذه الموائد بقرارات تتأرجح دائماً لتصب في كفة الحكومة لا المواطن.
فعلى الرغم من عدم مضي أشهر على تصريحات وزارة الزراعة بنضوج الفواكه والخضار بشكل مبكر هذا العام، الأمر الذي أدى إلى طرحها بكميات كبيرة وبأسعار مقبولة في الأسواق السورية جعلت المواطن يتنفس الصعداء بضعة أسابيع لتتجه الأعين فوراً إلى التصدير والخطط الموضوعة للعودة بكميات تصدير الخضار والفواكه إلى ما قبل الأزمة “بغمضة عين”، لتختفي هذه المواد ويبقى الرديء بأسعار خيالية في أسواقنا، وبين تجار سوق الهال والفلاح وقرارات التصدير يبقى المواطن “كبش فداء” لتلميع صورة المعنيين بالعودة بزراعتنا كما كانت قبل الأزمة في غضون أشهر قليلة، خاصة بعد التصريحات الأخيرة لفايز قسومة نائب رئيس لجنة التصدير في اتحاد غرف التجارة السورية بسعيهم خلال الفترة القادمة للوصول إلى الرقم القديم الذي كنا نصدره يومياً قبل الأزمة وهو 250 براداً سعتها نحو 6 آلاف طن من الخضر والفواكه.
تبريرات روتينية
وفي محاولات “البعث” لمعرفة الحلقة المفقودة في عدم القدرة على ضبط سعر الخضار والفواكه في الفصول المنتجة لها، وإيجاد توازن بين تأمين حاجة السوق المحلية والتصدير للأسواق الخارجية، لم نجد إجابات لتساؤلاتنا عند رئيس اتحاد غرف الزراعة كونه “لا يتحدث إلّا في الأمور الاستراتيجية” حسب تعبيره، وموضوع الخضار والفواكه له “أهله”، ليؤكد لنا جمال مسالمة رئيس غرفة زراعة درعا أن إنتاج درعا من المحاصيل الصيفية يكفي نصف القطاع الجنوبي من سورية، مؤكداً أن ارتفاع سعر البندورة خلال فترة أسبوعين سببه انخفاض الإنتاج في تلك الفترة نتيجة التوقف عن ري المنتجات الصيفية بسبب ارتفاع أسعار المحروقات بشكل جنوني، أما الآن فقد عاد الإنتاج كالسابق ليصل سعر المادة من الحقل إلى 250 ليرة، كذلك البطيخ الأحمر 200 ليرة، علماً أن الفلاح هو الخاسر الأكبر في هذه العملية الإنتاجية خاصة مع ارتفاع تكاليف الزراعة والعملية التسويقية، وأكد مسالمة على ضرورة التغلب على ذروة الإنتاج من خلال طرح المادة في السوق المحلي بأسعار مقبولة، كذلك الأمر في حال تصديرها خاصة وأن تكاليف النقل للمصدّرين مرتفعة جداً، إضافة على مطالبتنا الجهات المعنية دائماً بفتح معامل كونسروة.
خلل في الخطط
في المقابل، تحدث عبد الرحمن قرنفلة (خبير زراعي) عن الخلخلة بأسعار الخضار والفواكه في موسمها، حيث تتأثر أسعار الخضار والفواكه عموما بعدد من العوامل المتداخلة منها تكاليف الإنتاج من أجور أعداد الأرض للزراعة إلى قيمة مستلزمات الإنتاج مرورا بأجور الحصاد أو الجني وثمن عبوات وأجور نقل وعمولات بيع كما تتأثر بقوى العرض والطلب بالسوق ومستوى القوة الشرائية للمواطن وأسعار أسواق التصدير، مؤكداً أن التصدير ينشط حالة الفلاح لأن ما يباع للتصدير هو النوعية الممتازة وتحظى بسعر أعلى من الأسعار المحلية، إلا أن منعكس التصدير يكون سلبيا على المستهلك عندما يكون حجم العرض في السوق أقل من حجم الطلب وهو ما يجب أن تراعيه الجهات المعنية عندما تقرر فتح باب التصدير، ولفت قرنفلة إلى أن ما يحصل في محافظة درعا التي تعتبر أم الإنتاج الزراعي هو خلل في الخطة الزراعية ينجم عنه إما زيادة فائقة بالإنتاج أكبر من حاجة السوق وبالتالي تدهور سعر المبيع لأقل من التكلفة أو نقص بالإنتاج ينجم عنه شح بالمادة وارتفاع أسعارها.