نقطة علاّم عُثمانيّة
عبد الكريم النّاعم
أقصد بـ “العثمانيّة” فترة تأسيس الحكم العثماني الذي احتلّ بلادنا العربيّة واستعمرها طيلة أربعة قرون أدخلتْها في ظلام وظُلم لا سابق لهما؛ والنقطة الثانية: المعلومات المُقتَطَفة مأخوذة من كتاب “خطط الشام” لمحمد كرد علي، الجزء الثاني.
من المثير للحزن، والأسف، أن يكون بيننا مَن يحنّ إلى العثمانيّين، ويعتبر احتلالهم “فتْحاً”!!، وهو استعمار بكلّ ما تعنيه الكلمة من معنى، وسيرى القارئ ما يؤكّد ذلك من خلال ما سنبسطه من تصرّفات هؤلاء المستعمرين وأخلاقهم.
جاء في ص 216 ج 2 – في بعض وصوفات السلطان سليم الأوّل والذي غزا هذه البلاد وأقام فترة في مصر قبل أن يعود إلى الآستانة:
“لم يجلس بقلعة الجبل بمصر على سرير المُلْك جلوساً عامّاً، ولا رآه أحد، ولا أنصف مظلوماً من ظالم، بل كان مشغوفاً بلذّته وسُكره وإقامته في المقياس بين الصبيان المُرْد”.. “غادر السلطان مصر وألف جمَل تحمل منها إلى الآستانة ما غنمه من الذهب والفضّة”.
… “خلف السلطان سليم ابنه سليم الثاني، وهذا لم يُذكر اسمه في الشام، إلاّ على منابرها لأنّه كان شرّيباً خمّيراً حتّى لُقّب سليم السكّير، ص 228”.
“هلك سليم الثاني عام 982… وخنقوا أولاده الخمسة يوم دفنه على ما جرتْ بذلك عوائدهم القبيحة”…
“سنة 982 تولّى المُلك مُراد الثالث فقتل إخوته الأربعة”..
سنة 1003 توفّي مراد الثالث وخلفه ابنه محمد الثالث فقتل يوم جلوسه تسعة عشر أخاً له وعشْر جوارٍ حاملات من أبيه، ثمّ ابنين له..” ص 236.
“سنة 1049 توفي مراد الرابع فخلفه السلطان إبراهيم وكان خالعاً ماجناً..، وكان أبداً في شاغل عن الأمّة إلاّ بما كان من تحقيق شهواته”.. “ولم يبق أحد لا يرتشي من الصدر الأعظم فنازلاً”.. و”أصبحت إيالة الشام على طولها وعرضها يُخصَّص ريعُها وجبايتها للمرأة السابعة بحسب الأصول الحديثة على العهد الإبراهيمي” ص 254-255.
… “إنّ معظم كبراء الأمّة ومَن كان لهم علاقة بقصر السلطان إبراهيم كانوا يتقرّبون إليه بتقديم الأبكار الحسان، فرأوا القيادة (أي القوادة) والدّياثة أحسن شافع لهم عنده للترقّي والاغتناء..” ص 257.
… “حاول السلطان محمد الرابع 1058 لمّا كبر وترعرع أن يقتل شقيقيه سليمان وأحمد فمنعتْه أمّه من قتلهما، وحال بينه وبين القتل المفتي الأعظم مورداً له كلام الله مخوِّفاً من عذابه، وبذلك انقضى دور قتل أبناء ملوك آل عثمان..” ص 260.
فانظر قارئي العزيز إلى هؤلاء القَتَلة الظَلَمَة الذين لا يتورّعون عن قتل الأخوة والأبناء في سبيل العرش، وتفقّد حجم الفساد والإهمال للولايات العربيّة وغيرهما، فما الذي يُباهي به المُباهون العُمْه؟!!.
من هذه الزاوية يمكن النظر للسلطان العثماني الجديد أردوغان، حتى لكأنّ ثمّة جينات وراثيّة فاعلة في النفس، فهو لا يرعى عهداً، تنكّر لقائده ومعلّمه “غولن”، وأبعد رفاقه في الحزب، في سبيل أن ينفرد بالسلطة، وغيّر مواد الدستور ليناسب طمعه وتسلّطه، وكلّها اغتيالات علنيّة، وما ندري عن اغتيالاته السريّة شيئاً، ومَن ينسى غدره بسوريّة التي فتحت أبوابها عن حسن نيّة، فكان أنّ كافأها بتمرير قتّلة داعش، وبتسليحهم، وبنهب معامل حلب، وها هو الآن يقطع مياه الفرات عن سورية والعراق رغم أنّ ذلك مخالف للمعاهدات الدوليّة المتعارف عليها.
طيّب الله ذكرى بعض من عرفتهم في إنطاكية عام 2006، فقد حذّروا بشدّة من الثقة بأردوغان، وقالوا احذروه فإنّه من جماعة الإخوان المسلمين، وهو غدّار بامتياز.
aaalnaem@gmail.com