دراساتصحيفة البعث

إبراهيم رئيسي يقلق الكيان الإسرائيلي

محمد نادر العمري

شكّل انتخاب وفوز المرشح المحافظ إبراهيم رئيسي رئيساً للجمهورية الإسلامية في إيران خلفاً للرئيس الإصلاحي حسن روحاني حالة قلق لدى الكيان الإسرائيلي، خاصة وأن حكومة الاحتلال الجديدة المتناوب على رئاستها من قبل بينت ومن ثم لابيد، ترث حملاً ثقيلاً من مخلفات الحكومات المتتالية لرئيس الحكومة السابق بنيامين نتنياهو على مدى 12 عاماً.

في مقدمة هذه المخلفات الثقيلة تغيّر موازين القوى على مستوى المنطقة في الصراع بين محور المقاومة والكيان، على الرغم من التوصل إلى سلسلة اتفاقيات من التطبيع مع بعض الأنظمة العربية. كما يعتبر نمو الجمهورية الإسلامية الإيرانية تكنولوجياً وعسكرياً من أكثر التهديدات التي تواجه حكومة الاحتلال، على الرغم من سعي نتنياهو خلال أكثر من عقد إلى عدم التوصل لاتفاق يسمح لإيران بدخول النادي النووي السلمي، ومن ثم استغلاله وجود الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب في البيت الأبيض، والضغط على إدارته لخنق إيران اقتصادياً عبر مجموعة من السياسات العقابية التي وصفت بالأقصى، ومحاولة جرّ واشنطن لعدوان على إيران.

إذن بالدرجة الأولى فإن نمو إيران تكنولوجياً ونووياً وعسكرياً يعدّ أكثر التحديات والمخاوف لهذه الحكومة الجديدة، ومما زاد الأمر ثقلاً وقلقاً فوز الرئيس رئيسي، وهو ما يشكّل عاملاً ضاغطاً أمام الإدارة الأمريكية الحالية للمسارعة نحو العودة للاتفاق مع إيران قبل تسلّم إدارة رئيسي مهامها في آب المقبل، وهو ما يعني رفع معظم العقوبات عن الجمهورية الإسلامية الإيرانية، الأمر الذي سيترك أثره عليها وعلى حلفائها في المنطقة، وخاصة بعد الهزيمة النكراء التي تعرّضت لها قوات الاحتلال في عدوان غزة الأخير، وقلب المقاومة اليمنية للمعادلات العسكرية وعدم تحقيق أهداف العدوان السعودي عليها. ويبقى السؤال: لماذا تخشى “تل أبيب” وصول رئيسي إلى سدة الحكم؟.

على المستوى الداخلي، صحيح أن الرئيس الإيراني الجديد يصل للحكم وبلاده تواجه صعوبات اقتصادية نتيجة الحصار الجائر، ولكن من شأن الاتفاق الاستراتيجي مع الصين مؤخراً، والإفراج عن الأموال الإيرانية ينبئ بتحسّن اقتصادي متوقع يتجاوز 9% في منتصف آذار 2022 في حال رفع العقوبات، وهو ما قد يتيح لإيران أيضاً تطوير قدراتها التكنولوجية والصناعية العسكرية، ولتمدّ حلفاءها الذين يعانون من حصار اقتصادي بالدعم اللازم للحفاظ على قوتهم.

على المستوى الخارجي، فإن وصول رئيسي للحكم في إيران يتزامن مع ثلاثة تطورات: الأول عودة أميركا للاتفاق ورفع العقوبات، والثاني تراجع الوجود الأمريكي في المنطقة بعد وصول إدارة بايدن للحكم في أميركا والتوجّه نحو الجنوب الشرق من آسيا لاحتواء النمو الصيني، وتغيّر موازين القوى والاشتباك في المنطقة، إضافة لبدء فتح قنوات حوار مع إيران مقابل كبح جماح السلوك الإسرائيلي.

لذلك فإن مسارعة رئيس الحكومة الجديد نفتالي بينِت للقول في أول جلسات حكومته إن انتخاب رئيسي هو إشارة كي تستيقظ القوى العظمى قبل العودة إلى الاتفاق النووي، وإرساله رئيس هيئة الأركان العامة في جيش الاحتلال “أفيفكوخافي” إلى واشنطن لمحاولة وضع العراقيل أمام إدارة بايدن ومنعها من العودة للاتفاق أو على الأقل جعل الاتفاق شكلياً، يعبّر بصورة واقعية عن حالة القلق والخوف التي باتت تسيطر على العقول داخل الكيان، وهو ما أفصحت عنه مباشرة وزارة الخارجية الإسرائيلية التي اعتبرت: “إن فوز رئيسي يشكل باعث قلق لأمن إسرائيل”.