تساؤلات.. في ظل التعتيم الإعلامي!
حلب – معن الغادري
منذ حوالي ثلاثة أعوام وعقب تحرير حلب من رجس الإرهاب تتالت زيارات الحكومة إلى حلب مجتمعة ومنفردة، بهدف وضع الرؤوى والأفكار والخطط والبرامج الخدمية والتنموية والاقتصادية لإزالة آثار الإرهاب عن المدينة، والبدء بمشروع إعادة الإعمار والبناء تمهيداً لإطلاق العملية الإنتاجية.
وفي الواقع لم تكن المهمة سهلة بالنظر إلى حجم ما خلفه الإرهاب من أضرار وخسائر مادية كبيرة وجسيمة ودمار جزئي وكلي في البنية التحتية والفوقية على السواء، وهو ما شكل تحدياً كبيراً أمام الجهات الفنية والتنفيذية التي نجحت في مكان وأخفقت في أمكنة كثيرة، إلا أن النتيجة حتى الآن لم تكن مرضية ولم تنسجم مع الوعود الكثيرة، ولم تتناسب مع الإمكانات المتاحة والمتوفرة و مع حجم ما هو مطلوب إنجازه على كافة المستويات.
وبالنظر إلى واقع حال مجمل المشاريع التنموية والإستراتيجية المعلن عنها سابقاً، والمقرر إنجازها ضمن خطط هذا العام، نجد أنها تعاني الكثير من المشكلات والصعوبات والتي تقف حجر عثرة أمام استكمالها وتنفيذ مراحل إنجازها، ما يؤخر استكمال عملية إعادة الإعمار وعلى النحو الذي تم التخطيط له مسبقاً، وبالتالي لا بد ونحن على أبواب النصف الثاني من هذا العام من إجراء مراجعة متأنية وعملية تقييم حقيقية لمجمل الأعمال المنفذة ووضع الرؤى والأفكار الناجزة وتذليل كافة المعوقات لتنفيذ الوعود الحكومية في تحقيق نقلة نوعية في مختلف القطاعات الخدمية والاقتصادية، وعودة حلب مدينة وريفاً الى أفضل مما كانت.
لا شك أن التقلبات والمتبدلات السلبية في المشهد العام الناتجة عن الحصار الاقتصادي وضعف القدرة الإنتاجية والشرائية على السواء أوجد واقعاً صعباً ومعقداً، انعكس سلباً على الواقع الحياتي برمته، وهو ما بدا واضحاً من خلال التعثر الحاصل في تنفيذ البرامج والخطط وعدم القدرة على ضبط إيقاع العمل في كافة المؤسسات إلا ما ندر منها، وهو مؤشر يراه الكثيرون من المهتمين وغيرهم أنه يسهم في استنزاف الامكانات والطاقات وزيادة الهدر واتساع دوائر الفساد، وكنتيجة طبيعية يؤدي إلى تراجع حاد في العملية التنموية، ما يتطلب إعادة قراءة المشهد وفق رؤية واضحة وشفافة وجريئة ترتكز على أسس ومعايير منطقية تنسجم مع الواقع الراهن المعاش بعيداً عن التنظير وسياسة الترقيع وتدوير الزوايا والمراوحة في المكان .
والسؤال الذي يفرض نفسه في ضوء ما تقدم ، هو أين موقع حلب الآن في خارطة العمل الإستراتيجي والتنموي، وإلى أين وصلت مراحل الإنجاز في عشرات المشاريع الاقتصادية والزراعية التي أطلقت قبل ثلاثة أعوام من الآن، وماذا فعل المسؤولون في المحافظة حيال الأزمات اليومية بما يتعلق بفوضى الأسواق وارتفاع الأسعار اللحظي وجشع واستغلال التجار، وكيف تعاطوا مع أزمات المياه والكهرباء والمحروقات واختناقات النقل والسرقات اليومية للأملاك العامة والخاصة.
أسئلة كثيرة وإن كانت أجوبتها حاضرة ومن وحي الواقع المرير الذي نعيشه يومياً ، يبقى توضيح المسؤول أخف وطأة ووقعاً على المواطنين، إلا أن الإصرار على التخفي داخل المكاتب المكيفة والتعتيم عما يجري وتجاهل كل ما يواجه المواطن من أزمات، له وقع سلبي وعكسي ويفتح الباب على مصراعيه أمام التكهنات والشائعات والتأويل والانتقاد والاتهامات خاصة من قبل المتصيدين والمنتفعين من استمرار الواقع الى ما هو عليه.
وفي الواقع أكثر ما نواجهه من صعوبة في إنجاز عملنا الإعلامي اليومي هو التصادم الاعتيادي الحاصل مع المسؤول والمدير والذي ما زال يرفض التعامل مع الجسم الإعلامي تحت ذرائع وحجج أكثرها تكراراً هو أنه “أي المسؤول” غير مخول بالإدلاء بأي تصريح لوسائل الاعلام وبحاجة إلى موافقة مسبقّة من الوزير المختص أو الجهة الأعلى، وهو أمر لا نجد له أي تفسير سوى أن هناك من يتقصد إخفاء الحقائق والتعتيم عما يجري ضماناً للبقاء في منصبه ومكانه، وهي القاعدة الأكثر رواجاً واعتماداً في مؤسسات ومديريات وشركات القطاع العام في حلب، عزز ورسخ حضورها ووجودها ضيق الأفق وعدم فهم دور الاعلام كشريك أساسي وجوهري في عملية البناء والتنمية.