هل ينتقم نتنياهو من بايدن وبينت معاً؟
محمد نادر العمري
حتى اليوم مازال رئيس الحكومة الإسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو يراهن على إحداث شرخ في الحكومة الإسرائيلية الجديدة، والتي استطاع كلّ من نفتالي بينت ويائير لابيد التوافق حولها، واضعين نصب عينهما هدفاً واحداً هو إسقاط نتنياهو، وهذا الأخير بات يعلم أن هناك سببين أساسيين وقفا خلف سقوطه والقدوم بحكومة بينت.
السبب الأول، النكسة الكبيرة التي تعرّض له الكيان الإسرائيلي في عدوانه على غزة ووصول 4 آلاف صاروخ لداخل الأراضي المحتلة. والسبب الثاني والرئيسي هو الدور الفاعل الذي باتت تتكشف معالمه للإدارة الأمريكية الحالية في ذلك، حيث ألمح نتنياهو بعد تشكيل الحكومة بساعات إلى أن الدعم الخارجي الذي حصل عليه نفتالي بينت وشريكه هو الذي دفع نحو تشكيل هذه الحكومة. وهو ما يعني أن تأخر الرئيس الأمريكي جو بايدن عن الاتصال بنتنياهو، بعد فوز الأول بالانتخابات الأمريكية، كان يحمل الكثير من الدلالات والمعاني، فهي تقرأ على أنها تعود للخلافات الشخصية بين الشخصين منذ عهد ولايا أوباما، لكنها تقرأ اليوم بأنها مازالت مستمرة حتى اليوم، والرئيس بايدن أراد التخلّص من عقبة نتنياهو أمام طريقه بالعودة للاتفاق النووي من جانب، ومن جانب آخر رغبة في الانتقام من سلوك نتنياهو وتصريحاته التي حمل بها في صيف 2017، الرئيس السابق بارك أوباما وفريق إدارته، بما في ذلك نائب الرئيس جو بايدن آنذاك، مسؤولية خسارة “إسرائيل” عنصر قوتها وتفوقها بالمنطقة، حينما اعتبر نتنياهو أن فريق أوباما من خلال التوصل للاتفاق النووي مع إيران لم يراعِ المخاوف الأمنية الإسرائيلية.
لذلك تضمّن خطابه في الكنيست وقبل التصويت على منح الثقة لحكومة بينت تصريحاً أراد منه إغراق الحكومة الجديدة بالشكوك من قبل المستوطنين اليهود بقوله: “إن إيران ستكون سعيدة اليوم”. وهو ما قرئ من قبل “واشنطن بوست” بأن سعادة بايدن تفوق أي سعادة أخرى، فهو، أي بايدن، على الرغم من أن الحكومة الإسرائيلية الجديدة لن تتناغم معه في مراميه الساعية للعودة للاتفاق النووي، ومسار التفاوض مع الفلسطينيين، ولكنها في المقابل تعتبر هذه الحكومة أفضل من وجود شخص متهور يريد تحقيق مصالحه وإعلائها على المصالح والأهداف الأخرى.
وبايدن أيضاً يرغب في تأديب نتنياهو وإخراجه من السلطة، بسبب قيامه بدعم الجمهوريين في الانتخابات وتصريحاته الانتخابية لدعم ترامب واعتباره الحليف الأصدق والأكثر ولاءً للكيان، مقابل حصول نتنياهو على إجراءات وهدايا أمريكية لم يشهدها الكيان من قبل كنقل السفارة الأمريكية للقدس، وإطلاق صفقة القرن لتصفية القضية الفلسطينية وكل ما يرتبط بها، والاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على الجولان المحتل، وجهود واشنطن في الضغط على الدول العربية للموافقة على الدخول في حظيرة الدول الموقعة على اتفاقية “أبراهام”. لذلك فإن رهان نتنياهو على عدم استمرار هذه الحكومة هو أمر قابل للنقاش لعدة اعتبارات:
أولاً، أرادت أميركا من خلال تحقيق ائتلاف من اليسار واليسار الوسط واليمين تشكيل أكبر ائتلاف لإسقاط نتنياهو داخلياً، ولكن هذا الائتلاف متناقض في توجهاته ومصالحه، لذلك سرعان ما قد تتنامى المشكلات بين صفوف وزرائه.
ثانياً، في حال توصلت أميركا لصيغة تضمن تفعيل الاتفاق النووي الإيراني فإن نتنياهو سيسارع لاتهام الحكومة الجديدة بالقبول بذلك، وهو ما قد يخلق تياراً من المعارضين لها.
ثالثاً، حديث بايدن وفريقه بشكل متكرّر عن العودة للتفاوض والبحث عن “حل الدولتين”، سيفتح المجال أمام نتنياهو للحصول على دعم كل التيارات والأحزاب الدينية واليمنية المتطرفة وهو ما قد يعلي صوت المعارضة الإسرائيلية أكثر.
على الرغم من دور إدارة بايدن في الضغط على بعض “الدول العربية” لعدم حصول اشتباك أثناء مسيرة الأعلام الإسرائيلية في القدس، إلا أن بايدن والإدارة الأمريكية قد يفشل في تحقيق مثل هذه الحماية لهذه الحكومة في ظل بدء تحرك اللوبي اليهودي في واشنطن، وتصريح بعض أعضاء “الإيباك” باتهام واشنطن بإدارة بايدن بأنها تعرّض أمن “إسرائيل” للخطر في مغازلتها لإيران ونيتها سحب قواتها من المنطقة بعد سحب جزء من عتادها العسكري ، دليل على ذلك، فهل يفعلها نتنياهو ويسقط إدارة بايدن وبينت معاً؟.