صحافيو تركيا ينتفضون تنديداً بعنف شرطة أردوغان

نشرت منظمة حقوق الإنسان في تركيا تقريرها السنوي لعام 2020، كشفت فيه تفاصيل مرعبة عن واقع الحريات العامة وحقوق الإنسان في البلاد، فيما تظاهر عشرات الصحافيين في اسطنبول وأنقرة تنديداً بعنف الشرطة ضد الصحافيين، بعد الاعتقال العنيف لمصور وكالة فرانس برس الأسبوع الماضي.

واعتقلت قوات الأمن مصوّر الوكالة الفرنسية بولنت كيليتش الحائز على عدة جوائز بعنف السبت أثناء تغطيته تفريق مسيرة في اسطنبول حظّرتها السلطات.

وأثناء اعتقاله، ثبّت رجال الشرطة كيليتش أرضاً وضغطوا بأرجلهم على رقبته وظهره، مما أعاق تنفسه، في مشهد أعاد للأذهان الطريقة التي تعامل بها عناصر من الشرطة الأميركية في 25 أيار 2020 مع جورج فلويد المواطن من أصول أفريقية الذي لفظ أنفاسه الأخيرة وهم جاثمون على رقبته في حادثة فجرت موجة غضب في الولايات المتحدة وسلطت الضوء على عنف الشرطة.

ونُقل بولنت كيليتش بعدها إلى مركز الشرطة وأفرج عنه بعد عدة ساعات. وتقدّم بشكوى “اعتقال عنيف” ضد عناصر الشرطة.

وتجمع حوالى 80 شخصاً معظمهم من الصحافيين للتنديد بالمعاملة السيئة التي تعرض لها كيليتش أمام بلدية اسطنبول، هاتفين: “لا يمكن تكميم الصحافة” و”صحافة حرة ودولة حرة”، كما تجمع حوالي 20 شخصا في أنقرة، حاملين صورا تظهر كيليتش مثبتاً على الأرض، ولافتات كتب عليها “لا أستطيع التنفس”.

وقالت إسراء كوكاك ميدا، رئيسة فرع جمعية الصحافيين الأتراك في أنقرة “إن زملاءنا ضحايا للعنف في حين أنهم يقومون فقط بعملهم”، فيما ودعا ممثل منظمة “مراسلون بلا حدود” في تركيا ايرول اوندروغلو نظام أردوغان إلى “إعطاء تعليمات واضحة لقوات الأمن لوضع حد لهذه الممارسات غير المقبولة وغير العادلة قبل فوات الأوان”.

وفي رسالة موجهة إلى السلطات التركية، أعرب رئيس مجلس إدارة وكالة فرانس برس فابريس فريس “عن “احتجاجه الشديد” على اعتقال كيليتش، ودعا إلى “التحقيق في هذا الحادث بدون تأخير واتخاذ الإجراءات اللازمة بحق عناصر الشرطة المتورطين”.

وأثارت هذه القضية قلقاً شديداً إزاء حرية الإعلام في هذا البلد، لا سيما منذ محاولة الانقلاب في عام 2016 التي أعقبها اعتقال عشرات الصحافيين وإغلاق العديد من وسائل الإعلام التي اعتبرت معادية لأردوغان.

واعتقال بولنت كيليتش بطريقة عنيفة ليست حادثة استثنائية في تركيا في خضم قمع ممنهج تشهده البلاد منذ وصول حزب العدالة والتنمية إلى السلطة في 2002.

وتواجه أجهزة أردوغان الأمنية والقضائية اتهامات بانتهاك حقوق الإنسان ومحاولة تكميم الأفواه وخلق مناخ من الترهيب ومصادرة حرية التعبير.

وشهدت تركيا في عدة مناسبات حوادث مماثلة لكنها مرت دون محاسبة مرتكبيها، بينما يكابد الصحافيون والإعلاميون للقيام بواجبهم المهني في تغطية الأحداث.

وكشفت حوادث عنف تورطت فيها الشرطة التركية، أن العنف متأصل وممنهج لدى أجهزة أردوغان الأمنية.

وكان أوضح مثال على ذلك ما حدث في آذار 2016 حين اشتبك أمن أردوغان مع محتجين أمام معهد أميركي في واشنطن قبل كلمة لأردوغان هناك، واعتدى حراسه حينها على صحافي تركي معارض وضربوا صحافيا في راديو حكومي أميركي.

وفي السياق نفسه، أكد تقرير لمنظمة حقوق الإنسان في تركيا أنه في عام 2020، وحده، تمّ اعتقال 3 نواب في البرلمان، و6 سياسيين، عملوا نواباً في فترات سابقة، و513 شخصاً من أعضاء ومديري الأحزاب السياسية، و299 من أعضاء ومديري جمعيات ومؤسسات ونقابات عمالية ومنظمات مهنية بالإضافة إلى العديد من المنصات والمبادرات، و25 من المدافعين عن حقوق الإنسان، واعتقال 72 صحفياً وكاتب واحد، وحوكم ما لا يقل عن 239 صحفياً وعاملاً صحفياً، وتمّ الاعتداء على 5 صحفيين، وصحفيتين، وسيارة تابعة لنقابة الصحفيين في محافظة واحدة.