بوتين ينفي احتمالية “الحرب الثالثة”: مرحلة القطب الواحد انتهت والعالم يتغيّر بسرعة
أجاب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، اليوم الأربعاء، عن عشرات الأسئلة من مواطني بلده، ضمن إطار الدورة الـ18 من حوار “الخط المباشر” السنوي. ووجه إلى الرئيس الروسي في هذا العام أكثر من مليوني سؤال حول مواضيع مختلفة تتراوح بين جهود مكافحة فيروس كورونا والتطعيم ضده واقتصاد روسيا والعلاقات مع الغرب، واحتمال نشوب حرب عالمية ثالثة، بالإضافة إلى ملفات شخصية، مثل المؤلّفات الأدبية الأكثر تأثيراً عليه و”سر السعادة”.
وخلال الحوار، أكد الرئيس الروسي أن مرحلة القطب الواحد انتهت والعالم يتغيّر بسرعة وبشكل جذري، وأضاف: إن العقوبات ضد روسيا عادت علينا بالفائدة وتمكنا من تطوير قدراتنا، وأوضح أن “العالم يتغيّر بشكل كبير والشركاء في الولايات المتحدة يدركون ذلك، لكنهم يحاولون الحفاظ على الاحتكار”. وأضاف أنه يعول على أن “يتخذ النظام العالمي طابعا أفضل”، وأن تعود العلاقات بين روسيا والولايات المتحدة إلى طبيعتها.
وحول رد موسكو على العقوبات الغربية، قال بوتين إن روسيا لن ترد على العقوبات بشكل يمكن أن يلحق بروسيا ضرراً، لكن يمكنها أن ترد بطريقة غير مماثلة على العقوبات.
وبخصوص التهديدات الأمريكية بعقوبات جديدة ضد روسيا، بعد اللقاء الذي جمع زعيمي البلدين في جنيف الشهر الجاري، وما إذا كان الرئيس جو بايدن يمكنه لعب دوراً مهماً في العلاقات بين البلدين، قال بوتين إنه على الرغم من أن لدى الولايات المتحدة، نظامها السياسي الخاص، وتوجد بعض الضوابط والتوازنات، لكن الكثير من الأشياء تتوقف على الرئيس هناك.
حادث “ديفيندر” كان استفزازاً وقفت وراءه لندن وواشنطن
ونفى بوتين أن يكون حادث مدمّرة “ديفيندر” البريطانية قبالة سواحل شبه جزيرة القرم قد وضع العالم على حافة حرب عالمية جديدة. وقال بهذا الصدد: “حتى لو أغرقنا هذه السفينة فمن الصعب التصوّر أن العالم وجد نفسه على حافة حرب عالمية ثالثة، فيدرك هؤلاء الذين يفعلون ذلك أنهم لن يخرجوا منتصرين من هذه الحرب”.
وتابع الرئيس الروسي مخاطباً المواطن الذي طرح السؤال : “لا أعتقد أن التطوّر التي تتحدثون عنه كان سيفرحنا، غير أننا على الأقل نعرف أننا نناضل في أراضينا دفاعاً عن أنفسنا ومستقبلنا. فلسنا نحن الذين جئنا إليهم بعد أن قطعنا آلاف الكيلومترات جواً أو بحراً، بل هم الذين اقتربوا من حدودنا وخرقوا بحرنا الإقليمي وهو عنصر جوهري في هذا الوضع كله”.
وأكد بوتين أن الحادث في البحر الأسود كان استفزازاً، قائلا: “بالطبع كان ذلك استفزازاً. ما هي نوايا هؤلاء المستفزين وأهدافهم؟ بدءاً ذي بدء، كان هذا الاستفزاز شاملا ولم يشارك فيه البريطانيون وحدهم بل والأمريكيون أيضاً، فالسفينة البريطانية دخلت مياهنا الإقليمية نهاراً، أما في الصباح فكانت هناك طائرة استطلاع استراتيجية أمريكية أقلعت من أحد مطارات الناتو العسكرية في كريت”. وتابع: “كان بديهيا أن المدمّرة دخلت لتحقيق أهداف عسكرية في المقام الأول، وهي محاولة الاعتماد على طائرة استطلاع لكشف أساليب تجاوب قواتنا المسلحة مع مثل هذه الاستفزازات، فكانوا يراقبون كيف وأين يتم تشغيل هذه الآلة أو تلك، وكيف تعمل هذه الآليات وما هي وظيفتها. لقد رأينا وأدركنا ذلك، ولهذا السبب كنا ننشر معلومات اعتبرناها ضرورية”. وأضاف: “قد يكون أنني أفشيت سراً.. لعل العسكريين يعذروني”.
وكانت وزارة الدفاع الروسية قد أفادت في 23 يونيو، بأن المدمرة البريطانية “ديفيندر” دخلت المياه الروسية قبالة سواحل القرم، وغادرتها بعد أن أطلقت سفينة حرس حدود روسية طلقات تحذيرية، وقامت طائرة “سو – 24 إم” بإسقاط قنابل تحذيرية في خط إبحار المدمّرة.
مسؤوليتي إعطاء توصيات لمرشحين مستقبليين لرئاسة روسيا
ورد بوتين على سؤال عما إذا كان يفكر في “تسليم” الحكم لشخص جدير بهذا المنصب مثلما تسلم الحكم من أيدي يلتسين. قال الرئيس الروسي: “بوريس نيقولايفيتش يلتسين لم يسلم لي مقاليد الحكم. ذلك أنه بموجب قانوننا الأساسي ففي حالة استقالة رئيس الدولة يصبح رئيس حكومة روسيا الاتحادية قائما بأعمال رئيس الدولة بشكل مؤقت. لقد كنت رئيسا للحكومة”. وتابع: “أما أشخاص أو شخص بإمكانه أن يقود البلاد، فمن جهة يقول المثل إن المكان الجيد لا يكون شاغرا ولا يوجد أشخاص لا يمكن تعويضهم. لكن من جهة أخرى فمن مسؤوليتي بالطبع أن أعطي توصيات لأشخاص سوف يترشحون لشغل منصب الرئيس”. ولفت إلى أن الحديث يدور عن ممارسة عالمية، مضيفا: “وبالطبع الوقت سيحون كي أستطيع أن أقول – وأنا آمل في ذلك – أن هذا الشخص أو ذاك يستحق برأيي أن يتولى رئاسة بلادنا العظيمة وطننا العزيز روسيا”.
رد شديد على عملية احتيال: هؤلاء مجرد حثالة
وتحدث الرئيس الروسي بنبرة شديدة حول عمليات الاحتيال التي يقوم بها البعض، وعن واقعة سرقة أحد المحاربين القدامى واصفا مرتكبيها بالحثالة.
وبهذا الشأن، قال بوتين: “لا أريد حتى التعليق.. هؤلاء حثالة! أولئك الذين يرتكبون مثل هذه الجرائم ضد كبار السن هم مجرد حثالة! وبالطبع، يجب مكافحة هذا الأمر”.
المصادفة أن المحارب المقصود الذي تعرض للاحتيال كان قد جلس إلى جانب الرئيس الروسي خلال عرض عسكري بالساحة الحمراء، وقام بوتين بتسوية معطفه.
وكشف الرئيس الروسي أن اللقاح المضاد لفيروس كورونا، الذي تلقاه هو لقاح “سبوتنيك V” الروسي، وقال: “عندما حصلت على التطعيم ضد فيروس كورونا، كان هناك لقاحان فقط في روسيا، وكلاهما جيدان”، مشيراً إلى أنه لم يستشر الطبيب عند اختيار اللقاح، وقرّر تلقي التطعيم بلقاح “سبوتنيك V”، وأكد أنه لم يشكو بعد التطعيم من أي أعراض جانبية.
وحول عدم كشفه حينها عن اسم اللقاح الذي تلقاه، قال بوتين “لقد طُلب مني ألا أتحدث عن اللقاح الذي تلقيته من أجل تجنب المنافسة”.
وكان الرئيس الروسي قد أعلن في منتصف شهر نيسان الماضي، عن تلقيه الجرعة الثانية من اللقاح ضد فيروس كورونا.
وجدد الرئيس الروسي موقفه من إلزامية التطعيم، وقال: “منذ البداية أعلنت عن موقفي، لا أؤيد التطعيم الإجباري. وما زلت متمسكاً بنفس وجهة النظر”. ودعا المواطنين الروس إلى عدم الاستماع للشائعات حول التطعيم، والاسترشاد فقط بآراء المختصين في هذا المجال.