تفاصيل مملة باتت ميزة واضحة بالدراما السورية
على الرغم من التطور الذي شهدته الدراما السورية في الفترة الماضية حيث فرضت نفسها بقوة، وكانت حاضرة في غالبية القنوات العربية، ووصل عدد متابعيها إلى أرقام مخيفة، ورغم كل هذا الانتشار الواسع، غير أنها كانت تقف عند تفاصيل صغيرة تركت أثراً غير مريح عند المتلقي، هو أشبه بسؤال لم يجد أحد إجابة له لكونه يضيع في جمالية الحدث الأهم للعمل.
ولم تتخلَ الدراما السورية عن بعض هذه التفاصيل الصغيرة التي باتت بفضل تقادم الزمن ميزة مهمة وعلامة فارقة لجميع مسلسلات الدراما السورية. فمثلاً في مسلسلاتنا الدرامية تصل سيارة الشرطة بعد دقائق من وقوع الجريمة، وأحياناً تصل قبل وقوع الجريمة، في الدراما السورية سيارات الإسعاف تقلب كل التوقعات وتؤكد أنها قادمة من عالم مثالي بحيث لا يمكنها التلكؤ أبداً، لذلك لا يمكن لأي مريض درامي أن يموت على الطريق إلا ما ندر.
في مجتمع الدراما تأخذ الإعلانات التلفزيونية صدى واسعاً ومنحى جديداً من المثالية، إذ تعيش جميع الأسر حياة جميلة بولدين فقط لكل منها صبي وبنت طبعاً، وهذا أمر يطال حتى القبائل البدوية التي تعيش في عمق الصحراء.
في الدراما عامة والسورية على وجه الخصوص لا يمكن لشبكة الموبايل أن تكون مشغولة رغم ابتزاز الشركات برسوم وفواتير فلكية فإن شركات الموبايل الدرامية تمنح مشتركيها تعويضات مالية لقاء اتصالاتهم، ولهذا فهم يتحدثون بكل استرخاء ولدقائق طويلة دون أن تظهر على وجوههم أية علامة خوف.
المدير العام في الدراما هو أب حنون لجميع موظفيه، أما الوزير فهو نصف ملاك، وتبدو هيئة الرقابة والتفتيش أشبه بالأب الرحوم على أبنائه.
في الدراما السورية ومسلسلات البيئة الشامية دائماً يظهر الجندي الفرنسي بطريقة بلهاء فهو يموت بطريقة غبية وكأنه يقول لخصمه أنا هنا.
أخيراً وليس آخراً لو أقدم صنّاع الدراما السورية على إنتاج أفلام كرتون أتوقع أن يشطح بهم الخيال، ولجعلوا الذئاب تتصالح مع الحملان، وتبني معهم علاقة أخوية طويلة الأمد، ولأبت حينها الثعالب أكل الدجاج، ولجعلوا الغابة المخيفة أشبه بفردوس من السلام والوئام دون وجود أثر لأفعى شريرة واحدة.
زاهٍ وجميل ومثالي هو العالم الذي تقدّمه الدراما، ولكنه للأسف غير موجود إلا على الشاشة.
فهل ستحذف الدراما السورية من قاموسها هكذا تفاصيل مملّة تستخفّ بعقل المتلقي، وتعيد تقديم نفسها من جديد بكل أناقة، أم سيبقى الحال على ما هو عليه إلى أن نصل إلى طريق مسدود؟.
مهند الحسني