رحلت أيقونة الشعر العربي.. لميعة عباس عمارة
ودّعت الأوساط الأدبية والثقافية في الوطن العربي الشاعرة العراقية المبدعة لميعة عباس عمارة التي وافاها الأجل عن عمر ناهز الـ 92 عاماً في مغتربها الأمريكي في مدينة سان دييغو على الساحل الغربي للولايات المتحدة بعد أن تدهورت حالتها الصحية إثر مرض عضال ألمّ بها.
ولدت لميعة عباس عمارة لعائلة عريقة في بغداد عام 1929 وجاء لقبها من مدينة العمارة التي ينحدر منها أبوها، وهي مدينة جنوبية عراقية غارقة في لجة التاريخ والميثولوجيا، حيث غرقت بتراثها المندائي وأثرت كثيراً في شخصيتها وثقافتها الأكاديمية.
تفتقت موهبة لميعة عباس عمارة الشعرية مبكراً، وكانت ترسل قصائدها الأولى إلى الشاعر المهجري (إيليا أبو ماضي) صديق والدها، وكان إيليا يثني على موهبتها، ونشر أول قصيدة لها في مجلته (السمير) عام 1944، وهي مازالت ابنة أربعة عشر عاماً، وقال إيليا فيها: «إن كان في العراق مثل هؤلاء الأطفال فعلى أي نهضة شعرية مقبل العراق».
في الخمسينيات برز صوتها الشعري ولم يُعرف داخل المشهد الشعري العراقي من أصواته النسائية سواها ونازك الملائكة وآمال الزهاوي، كما أنها عاشت مرحلة الحداثة التي ميّزت هذا المشهد بأساليبه الفنية وتوجهاته الأيديولوجية المتعارضة، وكانت تدافع من أجل حصتها الخليقة بكل تقدير، وكانت طاقة لا تهدأ، فقد شغلت عضوية اتحاد الأدباء في بغداد عام 1963 – 1975 وتولّت نائب الممثل الدائم للعراق في منظمة اليونسكو في باريس بين 1973- 1975 وتركت وراءها 9 مجموعات شعرية مثل (الزاوية الخالية) 1960، و(عودة الربيع) 1963، وأغاني عشتار 1969، و(يسمونه الحب) 1972، و(لقد أنبأني العراق) 1980، و(البعد الأخير) 1988.
تقول في إحدى قصائدها:
لو أنبأني العراق
أنك يوماً ستكون حبيبي
لم أكتب غزلاً في رجل
خرساء أظل
لتظل حبيبي..
لو أنبأني العراق
أني ألامس وجه القمر العالي
لم ألعب بحصى الغدران
ولم أنظم من خرز آمالي..
لو أنبأني العراق
لم أحلم أني سأموت
وهكذا كانت حياة هذه الشاعرة العراقية حافلة بالأدب العربي والشعر في كافة نشاطاتها في العراق والوطن العربي، فقد زارت في حياتها دمشق وألقت فيها العديد من قصائدها الشعرية والتي تغنّت ببردى وقاسيون، وزارت في دمشق أكثر الشعراء والأدباء فنالت إعجابهم وأهدت لهم العديد من دواوينها، وحضرت أكثر المؤتمرات الشعرية والأدبية في تونس والقاهرة وعمّان وبيروت.
لقد فقد الشعر العربي واحدة من الشاعرات العربيات اللواتي قدّمن للمكتبة العربية أنواعاً من الشعر.
د. رحيم هادي الشمخي