دراساتصحيفة البعث

مناورة برسم البيت الأبيض

تقرير إخباري

في تصريح لافت، قال الرئيس الأمريكي جو بايدن قبل أيام أن التزام أمريكا تجاه الكيان الصهيوني صلب. وهذه التصريحات جاءت عقب محادثات أجراها بايدن مع نظيره الصهيوني رؤوفين ريفلين في البيت الأبيض، وهي إن دلّت فهي تدلّ على تبني الرئيس الأمريكي للحكومة الصهيونية الجديدة، في إشارة إلى أن بايدن يخطب ودّ الكيان وجماعاته الضاغطة في الولايات المتحدة والتي من شأنها أن تكون رافعة له في الانتخابات النصفية التي سرق أضواءها الرئيس السابق دونالد ترامب بحملته المبكرة لاستعادة “عرشه السليب”، حسب تعبيره!.

حتى الآن لم يقدم بايدن على تقديم ما هو ملفت في عالم السياسة سوى القمم التي جمعته مع قادة الاتحاد الأوروبي، وقادة الناتو، والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وهي جميعها تدخل في الإطار الروتيني لأي وافد جديد على البيت الأبيض، لذلك لم يجد الرجل ما يعزّز حضوره على المسرح العالمي والداخلي سوى الرجوع إلى الكيان الصهيوني وطرح الملف النووي الإيراني، لأنهما القضيتان الأكثر جدلاً في الأوساط الأمريكية، أي أن بايدن استخدم هذين الملفين لتعزيز موقفه المتواضع داخلياً وخارجياً، وما يدلل على ذلك تصريحه بأن الولايات المتحدة والكيان الصهيوني يشتركان في الهدف نفسه، وهو عدم السماح لإيران بامتلاك التكنولوجيا  النووية.

هذا الانقلاب كان متوقعاً لسبب بسيط هو أن بايدن على ما يبدو يفضّل لعب المناورات على الدخول في القضايا الخلافية مباشرة، بمعنى أنه أقرب ما يكون رئيس تصريف أعمال، إذ ما معنى هذه التصريحات وكانت واشنطن تستعد لرفع العقوبات عن المرشد الأعلى للجمهورية الإيرانية علي خامنئي بعد أن قدّم الأمريكيون هذا الاقتراح للجانب الإيراني في مفاوضات فيينا؟!.

صحيح أن العقوبات ضد خامنئي من قبل الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب قبل عامين تحمل طابعاً رمزياً، إلا أن التغيير في هذه التدابير التقييدية ينطوي على أبعاد سياسية، ومن غير المستبعد أن يتعرّض بايدن لانتقادات أشد إذا تمّ رفع هذه العقوبات، لأنه سيتمّ اعتبار ذلك علامة على ضعف واشنطن أمام القيادة الإيرانية، ويفقد العقوبات معناها كأداة سياسية.

لذلك إن تغيير الإدارة في الولايات المتحدة، والحكومة في الكيان الصهيوني لم يغير من سياساتهما تجاه إيران، ففي خطابه، قبل وقت قصير من أداء القسم، عبّر رئيس الوزراء الصهيوني نفتالي بينيت بحزم عن الاستياء من عودة أمريكا المحتملة إلى الصفقة النووية، ثم جاء تصريح بايدن ليعزّز هذه الفكرة. ولهذا فإن الليونة التي أظهرها بايدن تجاه طهران لم تكن إلا مناورة برسم البيت الأبيض الذي لا يمكن لأي من قاطنيه أن يكون سبباً لخلل في العلاقات بين الولايات المتحدة وحليفها الرئيسي في الشرق الأوسط.