تهريب عائدات التصدير
يمكن أن نبرر الارتفاع غير المسبوق للفواكه لو أن خزينة الدولة تستفيد من عائدات تصديرها، أي تبرير السبب المباشر لعجز ملايين الأسر السورية عن شرائها في ذروة إنتاجها!.
ما حصل خلال الشهر الماضي، ولايزال مستمراً، أن قلة من التجار تقوم بتصدير أطنان من الفواكه، وتحتفظ بعائداتها من القطع الأجنبي في المصارف الخارجية، وساذج جداً من ينتظر أن يقوم أي تاجر بإعادة دولارات التصدير إلى الوطن، فهو لم يفعلها سابقاً ولن يفعلها لاحقاً إلا مضطراً!.
ومهما قيل في هذا الموضوع فهو بالمحصلة تهريب للقطع الأجنبي، بل هو تهريب سهل ونظامي خلافاً لتهريب القطع الناجم عن حصيلة تحويل أرباح التجار من مستورداتهم إلى دولارات بالسوق السوداء!.
والسؤال هنا: لماذا تسمح وزارة الاقتصاد بتصدير الفواكه أو أية سلعة أخرى إذا لم تضمن إعادة حصيلتها الدولارية إلى سورية؟.
إن استفادة خزينة الدولة من رسوم التصدير بالليرة السورية لا تقارن بأرباح التاجر من القطع الأجنبي الذي يودع في مصارف خارجية من جهة، وحرمان ملايين الأسر السورية من شراء سلع “جنّت” أسعارها في عز مواسمها بفعل تصديرها!.
لقد كشفت لجنة التصدير في اتحاد غرف التجارة السورية أن عائدات التصدير بالقطع الأجنبي لا تذهب إلى خزينة الدولة، وهذا الاعتراف يفضح تقصير وزارة الاقتصاد التي لم تصدر أي قرار يُلزم التجار بإعادة القطع الناجم عن حصيلة صادراتهم، نعم هو تقصير ترجمته الحرفية: السماح بتهريب قطع التصدير بآليات نظامية!.
ومن الملفت أن تكشف لجنة التصدير في اتحاد غرف التجارة السورية بأنها “تعمل حالياً مع حاكم سورية المركزي على نظام جديد بهذا الخصوص، بحيث يتم شراء القطع الأجنبي من المصدرين بأسعار مجزية من أجل رفد خزينة الدولة بها قريباً”، طبعاً، المقصود بالأسعار المجزية الأسعار التي يطالب بها التجار، أي الموازية لسعر الصرف الأسود!.
وحتى لو وافق المصرف المركزي على السعر الذي سيطالب به التجار، فلن يحوّلوا دولارات التصدير إلى ليرات سورية، بل لماذا سيفعلونها وهم المصرّون منذ عقود على تحويل أرباحهم من المستوردات إلى دولارات وتهريبها للخارج؟.
ونرى بأن الحل المجرب سابقاً أجدى بكثير من شراء المركزي لقطع حاصلات صادرات التجار الذي لن يبصر النور مهما قدم المركزي من تنازلات!.
الحل بتفعيل قرار التعهد بإعادة حاصلات التصدير الذي كان فعّالاً جداً منذ ثمانينيات القرن الماضي قبل أن يلغى في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين!.
نعم، الحل بربط تمويل المستوردات من حصيلة الصادرات، أو بإلزام المستوردين بفتح حسابات في المصارف السورية بالقطع الأجنبي يغذونها بدولارات التصدير لاستخدامها بتمويل مستورداتهم، وبمثل هكذا قرارات سيضطر المستوردون للتركيز على تصدير المنتج السوري الذي لايزال خارج اهتمامهم، ما سيؤدي حكماً إلى تحسن سعر صرف الليرة، وانخفاض أسعار السلع والخدمات.
بالمختصر المفيد: لا مبرر لتراجع وزارة الاقتصاد عن تفعيل قرار ربط الاستيراد بالتصدير، فهذا التراجع لا يخدم سوى التجار، ويمنع تحسن القدرة الشرائية لليرة السورية، ويرفع أسعار السلع في عز مواسمها.
علي عبود