دياب للبعثات الدبلوماسية: أنقذوا لبنان قبل فوات الأوان
في ظل الأزمة الاقتصادية الخانقة المستمرة في لبنان، التقى رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب مع ممثلي البعثات الدبلوماسية، طالباً منهم أن ينقلوا رسالة إلى بلدانهم مفادها “أنقذوا لبنان قبل فوات الأوان”، وأكد أن بلاده وشعبه “على شفير الكارثة”، داعياً المجتمع الدولي “للتحرك للإنقاذ”.
وأضاف دياب في كلمة له بعد اجتماع مع مجموعة من السفراء، وممثلي البعثات الدبلوماسية في بيروت، “لا يحقّ لهذه الحكومة استئناف التفاوض مع صندوق النقد الدولي لتطبيق خطة التعافي التي وضعتها الحكومة، لأن ذلك يرتّب التزامات على الحكومة المقبلة قد لا تتبناها”. ورأى أن “ربط مساعدة لبنان بتشكيل الحكومة أصبح يشكل خطراً على حياة اللبنانيين وعلى الكيان اللبناني، لأن الضغوط التي تُمارس والحصار المطبق على لبنان لا يؤثر على الفاسدين، بل يدفع الشعب اللبناني وحده ثمناً باهظاً يهدد حياته ومستقبله، كما يهدد لبنان كنموذج ورسالة في العالم، وما نشاهده من هجرة دليل على يأس اللبنانيين”.
ويشترط المجتمع الدولي تشكيل حكومة تباشر بتنفيذ إصلاحات ملحة، مقابل تقديم الدعم المالي للبنان. إلا أن فرنسا، التي تقود ضغوطاً دولية لتشكيل حكومة جديدة، والأمم المتحدة نظمتا منذ أيلول مؤتمرين دوليين، قدّما مساعدات إنسانية عاجلة للمتضررين من انفجار مرفأ بيروت ومنظمات المجتمع المدني، من دون المرور بالمؤسسات الرسمية اللبنانية.
وإذ أشار دياب إلى أن “الحكومة وضعت خطة متكاملة للتعافي تتضمن إصلاحات مالية واقتصادية، وهي جاهزة للتطبيق بعد تحديثها”، لفت إلى أن “لبنان يعبر نفقاً مظلماً جداً، وبلغت المعاناة حدود المأساة، فالأزمات الحادة التي يعيشها اللبنانيون، على مختلف المستويات الحياتية والمعيشية والاجتماعية والصحية والخدماتية، تدفع الوضع في لبنان نحو الكارثة الكبرى التي تتجاوز تداعياتها أي قدرة على الاحتواء، وبالتالي نصبح أمام واقع لبناني مخيف”.
رئيس حكومة تصريف الأعمال شدّد على أن الأولوية اليوم هي لتشكيل حكومة في لبنان، وأردف: “لقد طال انتظار تشكيل الحكومة واللبنانيون صبروا وتحملوا أعباء الانتظار الطويل، لكن صبرهم بدأ ينفد مع تعاظم المعاناة”. واعتبر أنه “لم يعد مقبولاً هذا الدوران في الحلقة المفرغة حكومياً على مدى 11 شهراً”.
ومنذ نهاية 2019، يعاني لبنان أزمة اقتصادية حادة، مع هبوط يومي لسعر صرف الليرة أمام الدولار، رافق ذلك قفزة في نسب التضخم بلغت 84 بالمئة في 2020، وتتجه لتضخم بنسبة 100 بالمئة في 2021، بحسب البنك الدولي.
وتوجّه دياب إلى السفراء بالقول: “أدعو العالم لإنقاذ لبنان، وأناشد الأشقاء والأصدقاء أن يقفوا إلى جانب اللبنانيين، كما أدعو لعدم محاسبة الشعب اللبناني على ارتكابات الفاسدين”. وتابع: “ونحن نجتمع هنا، في شوارع لبنان طوابير السيارات تقف أمام محطات الوقود، وهناك من يفتش في الصيدليات عن حبة دواء وعن علبة حليب أطفال. أما في البيوت، فاللبنانيون يعيشون من دون كهرباء.. أدعوكم لتكونوا رسل لبنان في دولكم، لشرح هذه الصورة القاتمة، وأن تساعدونا في نقل رسالتنا إلى دولكم ومؤسساتكم، أنقذوا لبنان قبل فوات الأوان”.
هذا، ويعيش لبنان حالياً أزمات داخلية عدة، وأزمة اقتصادية ومالية حادة تترافق مع أزمة سياسية تتمثل في استمرار تعثّر تأليف الحكومة وتحذيرات من انهيار شامل، مع استمرار الأزمة الخانقة منذ أواخر عام 2019.
ويأتي غياب المسؤولين عن معالجة الوضع الراهن، وسط اتهامات متبادلة بالفساد وعرقلة تأليف الحكومة وقد مضى أكثر من 8 أشهر على تكليف سعد الحريري تأليفها.
وتجلّت انعكاسات الأزمة بانهيار مستمر لليرة اللبنانية مقابل الدولار، الذي يواصل تحليقه في السوق السوداء من دون مبرر، إذ وصل إلى متوسط 17.6 ألف ليرة لكل دولار واحد في تعاملات السوق الموازية (السوداء)، مقابل 1510 ليرة في السوق الرسمية. في حين تتحرّك حكومة دياب في أضيق الآفاق وسط الأزمة المالية. يضاف إلى ذلك، انقطاع حاد في المحروقات وتزايد في تقنين الكهرباء، ما سيؤشر إلى تزايد عجز الدولة اللبنانية عن تحمل مسؤولياتها، علماً بأن الخزينة اللبنانية شبه فارغة، وهو ما كان قد دفع السلطات اللبنانية إلى التوقّف عن سداد الديون الخارجية.
وكان مصرف لبنان المركزي أعلن أن لا قدرة لديه على الاستمرار في دعم المحروقات والسلع الغذائيّة والأدوية بعد شهر أيّار، بسبب وصول احتياطياته النقديّة إلى الاحتياطي الإلزامي.
يذكر أن البنك الدولي قال: إن انهيار اقتصاد لبنان قد يضعه ضمن أسوأ الأزمات عالمياً، وحذّر في تقريرٍ له، من أن الأزمة في لبنان، اقتصادياً ومالياً، من المرجَّح أن تصنَّف “ضمن أشدّ 10 أزمات، وربّما إحدى أشدّ 3 أزمات، على مستوى العالم، منذ منتصف القرن الـ19”.