دراساتصحيفة البعث

تحت ذرائع إنسانية.. أمريكا تستغل ملف المعابر لدعم الإرهاب

د. معن منيف سليمان

استغلت الولايات المتحدة الأمريكية “المعابر” لدعم التنظيمات الإرهابية، وخصوصاً “هيئة تحرير الشام والخوذ البيضاء” والتنظيمات الانفصالية، بهدف إمساك قرار كافة التنظيمات الإرهابية المسلحة من الجزيرة السورية إلى الشمال السوري وغربه وداخل مدينة إدلب ومحيطها، ولذلك سارعت قبل انتهاء التفويض الحالي لمجلس الأمن، الذي سمح بدخول المساعدات عبر معبر باب الهوى الحدودي بين سورية وتركيا، لإرسال سفيرتها لدى الأمم المتحدة “ليندا توماس غرينفيلد” إلى تركيا، في مهمةٍ ظاهرها ما أعلنته عن تقديم مساعدات أمريكية بقيمة 240 مليون دولار “لشعب سورية واللاجئين السوريين والدول التي تستضيفهم”، أما في جوهرها فقد أكدت لقاءاتها مع قادة التنظيمات الإرهابية، وخصوصاً “هيئة تحرير الشام والخوذ البيضاء”، ووصفهم بـ”الشجعان”! أن واشنطن تستعد لتشكيل جبهة عسكرية إرهابية قوية تمتد من غرب الفرات إلى شرقه.

لقد حاولت السفيرة الأمريكية، من خلال سلسلة أكاذيب، التأكيد على أهمية فتح المعبر، وبأن “هناك أكثر من 13 مليون سوري بحاجة ماسة إلى المساعدة”، وأن معبر باب الهوى بالنسبة لسكان إدلب يعدّ “شريان حياتهم” الوحيد، فيما زعمت الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية أن “الولايات المتحدة هي أكبر مانح في العالم للأزمة السورية، وقدمت أكثر من 13 مليار دولار”، في حين ناشد المنسق الأممي “مارك لوكوك”  مجلس الأمن بـ”عدم قطع شريان الحياة عبر الحدود”، وخاطب “ريتشارد ميلز”، وهو نائب سفير الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، مجلس الأمن بقوله: “إذا لم نفعل ذلك سيموت الناس، ونقطة عبور واحدة لا تلبي احتياجات الشعب السوري”. كذلك دعوة الوزير الأمريكي بلينكن في 30 آذار المنصرم، إلى إعادة فتح معبر باب السلامة مع تركيا، ومعبر اليعربية مع العراق، الذي تسيطر عليه “قسد” العميلة للأمريكيين.

يبدو أن المشاعر الأمريكية “الإنسانية النبيلة” لا تهتمّ إلا بأمر الإرهابيين، الإيغور والشيشان والأوروبيين والعرب وكل من استجلبتهم من كافة أصقاع العالم، وتهتمّ بتقديم الغذاء والدواء والحفاظ على حالتهم الصحية، واختلطت الأمور عليها وباتت تحسبهم سوريين، متناسية أن الدولة السورية لم تتوقف عن إرسال الدقيق والرواتب واللقاحات والكتب المدرسية وكافة احتياجات المواطنين على كامل مساحة الوطن.

إن آلية إيصال المساعدات عبر الحدود التي تمّ تبنيها في عام 2014، في أثناء الحرب ضد “تنظيم داعش الإرهابي” في سورية، نصّت على دخول المساعدات عبر أربعة معابر، وهي باب السلام وباب الهوى من تركيا، واليعربية من العراق، والرمثا من الأردن. ولكن بعد أن تحسّنت الأوضاع الميدانية، وتحرّرت معظم المناطق والقضاء على تنظيم “داعش” الإرهابي على يد الجيش العربي السوري وحلفائه وأصدقائه، بقي معبر باب الهوى، الذي يسيطر عليه تنظيم “هيئة تحرير الشام” الإرهابي ويستخدمه لتمويل أنشطته الإجرامية واستقطاب وتجنيد الإرهابيين. وعلى ما يظهر أن واشنطن تفضل قيادة التنظيمات الإرهابية بنفسها وتحصينهم في مواقعهم، مقابل احتفاظ  تركيا بدورها في تسهيل نقل المساعدات الإنسانية.

وفي الوقت الذي قدّمت فيه النرويج وإيرلندا مشروع القرار “الإنساني” الجديد، إلى الأمم المتحدة، استهدفت قوات الاحتلال الأمريكية المناطق الحدودية السورية العراقية، وقطعت قوات الاحتلال التركي المياه من محطة علوك، مهدّدة حياة أكثر من مليون مواطن في الحسكة وريفها، فضلاً عن تخفيض النظام التركي منسوب مياه نهر الفرات عن النسب القانونية المتفق عليها دولياً. واعتدت الميليشيات الانفصالية الموالية لأمريكا على شبكة الكهرباء المغذية لمحطة علوك، وغيرها من جرائم الحرب التي تنتهك كل المواثيق الدولية والاتفاقيات وصكوك حقوق الإنسان بحق الشعب السوري، ما يفضح زيف الادعاءات الأمريكية.

إنه من المعيب والمؤسف أن تتجاهل الولايات المتحدة السيادة السورية وتتعمّد انتهاكها، وأن تمارس ضغوطها لاستمرار الحرب، التي هُزمت فيها في سورية، وأن تدّعي بوقاحة وسفاهة أنها قدمت مساعداتٍ للشعب السوري وبأنها أكبر المانحين، وهي التي تسرق نفطه وقمحه بشكلٍ يومي، ولا يخفى على أحد أنها تسعى للتركيز على إقرار مجلس الأمن بفتح معابر لا تسيطر عليها الدولة السورية لتحويلها إلى شرايين إمداد للتنظيمات الإرهابية.