دراساتصحيفة البعث

من فيتنام إلى أفغانستان

تقرير إخباري

“لم يكن القصد من الحرب الأمريكية في أفغانستان أن تكون فيتنام أخرى، وأنا لا أصنع المستنقع”، ذلك ما قاله دونالد رامسفيلد مهندس الغزو الأمريكي، ناسياً أنه هو نفسه من قام بصنعه، إضافة إلى مستنقع القتال في العراق عندما أرسل القوات الأمريكية لاحتلاله في عام 2003.

لقد بقيت القوات الأمريكية المقاتلة في فيتنام لمدة ثماني سنوات، لكنها بقيت في أفغانستان 20 عاماً، وكانت أطول حرب أمريكية حتى الآن، رغم الفارق الكبير بين المقاومة الفيتنامية وحركة طالبان. ومع ذلك يصرّ جو بايدن على أن الانسحاب ليس كاملاً والمئات القليلة المتبقية من القوات الأمريكية في أفغانستان موجودة هناك في مهمة حراسة، لكن التخلي عن قاعدة “باغرام” الجوية يوم الجمعة الفائت يمثل النهاية الحقيقية للوجود العسكري الأمريكي في البلاد.

“باغرام” التي بناها الاتحاد السوفييتي السابق في الخمسينيات من القرن الماضي كانت مركزاً للعمليات الأمريكية على مدى عقدين من الزمن، إضافة إلى كونها معسكر اعتقال سيئ السمعة. أما بعد الانسحاب فإن الطائرات الأمريكية ستستمر في التحليق فوق أفغانستان، ولكن انطلاقها سيكون من سفن حربية وقواعد في دول أخرى.

اعتقد رامسفيلد أنه يستطيع تفادي ظل فيتنام من خلال استخدام أعداد صغيرة من القوات الخاصة الأمريكية، بالشراكة مع أمراء الحرب المحليين، ولكن التدخل الأمريكي في أفغانستان لم يجلب السلام. ووفقاً للأمم المتحدة فإن ما لا يقلّ عن 50 منطقة من مناطق أفغانستان البالغ عددها 400 سقطت في أيدي حركة طالبان منذ أيار الماضي. ومع رحيل الولايات المتحدة يحاول المدنيون الأفغان تنظيم ميليشيات للدفاع عن النفس وعن قراهم ضد القوات المنتظرة في الريف المحيط بهم.

لقد كانت الحربان مستنقعين سقط فيهما المزيد من القوات والمال والمعدات لتبرير وحماية ما تمّ إنفاقه أو فقده بالفعل، ومهما حدث فإن المزيد من الموت والمعاناة أمر لا مفرّ منه، ولن يتمكن جو بايدن والولايات المتحدة من الإفلات من المسؤولية، حتى لو لم يعودوا هناك.

عائدة أسعد