هل يُنذر هرَم بايدن بزوال الإمبراطورية الأمريكية؟!
لا تزال ظاهرة الرؤساء المسنّين تحظى بالكثير من الدراسات في المجتمعات الغربية، وخاصة في الولايات المتحدة الأمريكية، التي تزايد الحديث فيها مؤخراً عن العبرة من كون الرئيس الأمريكي قد تجاوز سنّ السبعين عند استلامه منصب الرئاسة.
فقد امتلأت الصحف الأمريكية في السنوات الأخيرة بالحديث عن أمراض الشيخوخة التي عانى منها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، ابتداء من جنون العظمة وصولاً إلى الزهايمر، الذي يبدأ بالتحكم بسلوك المريض عند تقدّمه في السن ويؤدّي إلى عدم قدرته على التركيز في كثير من الأمور، وخاصة فيما يتعلّق بالقرارات الحساسة التي اتخذها أثناء فترة حكمه، سواء على الصعيد المحلي أم على الصعيد الدولي. وقد أثارت تصرّفاته وسياساته الكارثية الكثير من التكهّنات حول قواه العقلية ومدى صلاحيته للاستمرار في الحكم، حتى إنه تم طرح فكرة عزله من السلطة انطلاقاً من هذه الفرضية.
والآن بعد تسلّم الرئيس الأمريكي جو بايدن مقاليد الحكم في البيت الأبيض بدأ الكثير من الأطباء التصويب على صحته العقلية، حيث حثّ طبيب البيت الأبيض السابق روني جاكسون الرئيس بايدن على إجراء “اختبار معرفي” لشعوره بالقلق بشأن سلوكه، وطالبه بإجراء الاختبار ذاته الذي اجتازه ترامب عندما كان في الخامسة والسبعين من عمره.
جاء ذلك بعدما أثار بايدن المزيد من المخاوف بشأن لياقته العقلية بعد أن بدا مرتبكاً وغير قادر على إعطاء إجابة متماسكة، خلال تبادل حديث مع أحد الصحفيين حول ما إذا كانت هناك علاقة لروسيا بالهجمات السيبرانية الأخيرة، ولم يسمح للصحفي بإنهاء سؤاله، قبل الردّ بأن “المخابرات الأمريكية ليست متأكدة مما إذا كانت موسكو قد أمرت بالاختراق”.
وهذا الأمر يشير إلى أن الرئيس الأمريكي ليس على تماسٍ مباشر مع ما يحدث حوله، بل لا نبالغ كثيراً إذا ما قلنا: إن مؤسسة الرئاسة نفسها في الولايات المتحدة مؤسسة صوَرية يمثل الرئيس فيها حجر شطرنج يتم تحريكه ممّا يسمّى الدولة العميقة، وليس له دور مطلقاً إلا في سياق ما تمنحه له هذه الجهة من صلاحيات.
وتؤكد ممارساته الأخرى في الحادثة نفسها أنه كان ينتظر توجيهاً ما ليتمكّن من الإجابة على سؤال الصحفي، حيث شرع في تفتيش جيوبه بحثاً عن الإجابة التي يمكن أن تُدسّ في جيبه لإنقاذه من الإحراج الذي تعرّض له، قبل أن يتمكن من إعطاء إجابة منطقية إلى حدّ ما بالقول: إنه وجّه جهاز الاستخبارات لإعطائه نظرة عميقة.
ولكن تزايد زلات الرئيس الأمريكي الحالي في كثير من المواقف، وخاصة ما حدث في قمة مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى مؤخراً عندما خلط بين سورية وليبيا ثلاث مرات في حديثه عن المساعدات الإنسانية، يثير الكثير من علامات الاستفهام حول الغاية من وجود رؤساء كبار في السن في البيت الأبيض يتحتم عليهم اتخاذ قرارات مصيرية على مستوى العالم، ثم تتم الإشارة إلى قدرتهم العقلية في السيطرة على المشهد ضمن هذه المعطيات، فهل يتعيّن على العالم القبول بحرب عالمية ثالثة مثلاً يتسبّب بها رئيس أمريكي لمجرّد أنه قد يكون فاقداً للأهلية العقلية؟ وهل هناك رغبة بالإبقاء على خط رجعة بحجة نقص الوعي أو تشوّش الرؤية؟.
ولكن التفسير الأقرب إلى المنطق هو أن حصر الحكم بين الرؤساء الكبار في السن ربما يكون دليلاً على أن المجتمع الأمريكي قد بلغ مرحلة الهرم، حيث تؤكد الإحصائيات أن أعداد الناخبين الأمريكيين فوق عمر الخمسين سنة تفوق بكثير أعداد الناخبين الشباب، وأنه لا دور مطلقاً للشباب في الحياة السياسية، التي أصبحت حكراً على أصحاب رؤوس الأموال أو ممثلي اللوبيات، فضلاً عن أن معظم أعضاء مجلسي الكونغرس والشيوخ مسنّون مرتبطون بإمبراطوريات مالية، الأمر الذي يؤكد فرضية وصول الإمبراطورية الأمريكية بالكامل إلى مرحلة من الهرم تنذر بزوالها قريباً.
طلال ياسر الزعبي