إعادة خيال الظل إلى مسرح الطفل
ما إن استلم المخرج المسرحي عبد السلام بدوي إدارة مسرح الطفل والعرائس في مديرية المسارح والموسيقى حتى انطلق في خطة عمل كان حريصاً فيها في البداية كما بيّن في حواره مع “البعث” على أرشفة مسرح الطفل وذاكرته إلكترونياً حفاظاً على الأرشيف لأن الورقيّات فيه معرّضة للتلف، منوهاً بالمهرجانات والعروض التي يقدمها مسرح العرائس على مدار العام.
خيال الظل
يعمل بدوي حالياً على إدخال خيال الظل إلى مسرح الطفل، متوسماً أن يكون هذا الفن جزءاً من هذا المسرح، مشيراً إلى أنها تجربة ما زالت في بداياتها ولذلك حاول استقطاب بعض المخايلين الذين تخرجِوا مؤخراً في الأمانةِ السورية للتنمية عبر برنامجِ التراث الحيّ نحو صونِ خيال الظل كتراثٍ ثقافيّ لا مادّي ليقدموا أعمالهم بالتعاون مع مسرح الطفل.
يوضح بدوي أن خيال الظل ورغم شكله البدائي مغرٍ لأطفالنا الذين لم يشاهدوا عروضه منذ زمن بعيد، وهو فن قادر على تحريك ذهنيته وإثارة فضوله ويمكن له أن يكون ركيزة أساسية للوصول إلى أشكال جديدة من خيال الظل، منوهاً بأنه سيقدم خيال الظل بشكل معاصر وبعيد عن شكله التقليدي، وعلى صعيد المضمون سيتمّ طرح مواضيع معاصرة إلى جانب الاهتمام والسعي لتقديم كل أنواع المسرح القريبة إلى الطفل مثل: المسرح الغنائي والراقص والاستعراضي، وخلق تعاون بين مسرح الطفل والمسرح الخاص الذي يتوجّه عادة للطفل، وقد نتجت عن هذا التعاون مجموعة من الأعمال، مؤكداً أهمية هذا التعاون وضرورته بهدف الارتقاء بمسرح الطفل وتقديم كل ما يلبي حاجاته، معترفاً أن الإمكانيات المادية ما زالت العائق الأول أمام تنفيذ أي مشروع جديد في مسرح الطفل الذي يعتمد بشكل كبير على العناصر الفنية المغرية للطفل وعالمه، شاكراً مديرية المسارح والموسيقى على كل الجهود التي تبذلها والتي لم تتوقف عن تقديم الأعمال الجيدة ضمن إمكانيات مادية مازالت متواضعة.
الماريونيت
وبهدف استقطاب الشباب الهواة إلى مسرح الطفل والعرائس دعا بدوي إلى إقامة ورشة لتصنيع دمى الماريونيت الغائب عن هذا المسرح منذ سنوات طويلة، ورأى أن ذلك أمر ملحّ وضروري لافتقاد مسرح العرائس لهذا النوع من الدمى، وقد اختار الفنانة إيمان عمر للإشراف عليها، وهي التي اكتسبت خبرتها من خلال الدورات الكثيرة التي شاركت فيها وتدربها على يد مدربين عرب وأجانب، موضحاً أن تحديد عمر المتدربين في هذه الورشة من 17 إلى 35 باعتبار أن هذه الفئة هي الأكثر تحملاً، وأن المتدربين بعد هذه الورشة التي ما زالت مستمرة وستقدم نتائج عملها بعد العيد سينتقلون إلى مرحلة أخرى أكثر تطوراً، حيث ستتمّ الاستعانة بمدربين من خارج سورية لاكتساب مهارات جديدة، مع تأكيده على أن مسرح العرائس سيسعى إلى إقامة دورة أخرى يتمّ فيها تدريب أطفال على دمى الكف ليتمّ بعد ذلك تعميم هذه التجربة على المدارس وليكون مسرح الدمى وسيلة إيضاح في العملية التعليمية، متمنياً إقامة تعاون بين مسرح الطفل ووزارة التربية للنهوض بسوية وطريقة تفكير طفلنا والخروج من رتابة ما يقدّم له سواء في المدارس أو في المسرح.
أبواب المسرح مفتوحة
ورأى عبد السلام بدوي أن الكثيرين يستسهلون العمل في مسرح الأطفال والعرائس، لذلك من المهمّ قيام مخرج مسرح الطفل بتقديم مخطط لعمله على الورق ليكون لدى كل مخرج رؤية واضحة يمكن مناقشتها للوقوف على متطلبات تنفيذها، وهذا برأيه يختصر الوقت وهدر المال، ولم يخفِ بدوي أن هذه الآلية جعلت المخرجين يفكرون كثيراً قبل الإقدام على طرح أي مشروع بعد إدراكهم أن الأمر ليس سهلاً، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن الفنانة وئام الخوص مثلاً استطاعت أن تتعامل مع هذه الآلية وقدّمت مخططاً واضحاً لعمل مسرحي استعراضي سيكون متميزاً، مبيناً أنه دعا العديد من المخرجين المعروفين لتقديم عروضهم وأن أبواب المسرح مفتوحة لأي مخرج يجد في نفسه الكفاءة لتقديم عمل مسرحي يليق بأطفالنا.
أما بالنسبة للنصوص المقدّمة لمسرح الطفل فقد بيّن بدوي أن النص الذي يختاره أحد المخرجين لتنفيذه على الخشبة يخضع لمعايير لجنة القراءة في مديرية المسارح ومن ثم الموافقة عليه، منوهاً بأنه ليس كل نص تمت الموافقة عليه قابل للعرض بالضرورة في مسرح الطفل لأن هناك آلية وشروطاً خاصة بالعرض يجب التقيّد بها، وأن هناك نصوصاً تصلح للقطاع الخاص وقد لا تصلح للعام، والعكس صحيح انطلاقاً من اختلاف آليات العمل بين القطاعين، فغالباً لا يلتزم القطاع الخاص بالنص ويعتمد الارتجال والتفاعل مع الجمهور والرقابة فيه ذاتية نوعا ماً، في حين أن الرقابة في القطاع العام صارمة ويخضع النص للعديد من الضوابط والمعايير.
تظاهرة مسرح الطفل في العيد
ولم ينكر بدوي أن الشراكة بين القطاعين العام والخاص تتطلّب من الطرفين بعض التنازلات للوصول إلى صيغة مرضية تلبي حاجة جمهورهما، مبيناً أن للقطاع الخاص جمهوراً عريضاً يتابعه بشكل دائم، وكذلك الأمر بالنسبة لمسرح الطفل الذي يجب عليه أن يبحث عن آليات جديدة وتقديم عروض تناسب عقلية طفلنا الذي لم يعد يرضى بما هو عادي ومتواضع في ظل انفتاحه عبر الوسائل المتطورة على العروض التي تقدّم هنا وهناك، مشيراً إلى أن التحضيرات جارية لتقديم تظاهرة مسرح الطفل في العيد ومن ثم متابعة تنفيذ الخطة السنوية التي تضمّ مجموعة من العروض، أولها نتاج ورشة تصنيع دمى الماريونيت ومسرح الكبار للصغار ومسرح العرائس وهي لمجموعة من المخرجين: وئام الخوص، هنادة صباغ، خوشناف ظاظا، محمد المحاميد، وعبد السلام بدوي الذي أكد أن الإدارة لا يمكن أن تعيق عمله كمخرج بفضل التنظيم الذي اعتاد أن يتبعه في حياته.
أمينة عباس