“السلطان أردوغان” يبني القصور.. والشعب التركي يكافح لإطعام نفسه!
تقرير إخباري:
أثارت الصور التي تمّ نشرها مؤخراً للقصر الصيفي الجديد لرئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان، غضب السكان الأتراك، والذين يكافحون لتوفير الطعام لعائلاتهم. وتزامن نشر الصور مع تعليقات سخرية على نطاق واسع من زوجة أردوغان أمينة، التي اقترحت على الناس تقليل حصص وجباتهم لمنع الهدر. وقالت صحيفة “ذا ناشيونال”: إنّ العديد من المواطنين ردّوا عليها بالإشارة إلى انغماسها في العلامات التجارية الفاخرة.
بُني القصر، الذي يضم 300 غرفة فاخرة شمال مارماريس، وتبلغ تكلفته نحو 75 مليون دولار، قبل عامين، فيما ظهرت الصور الأولى للقصر مؤخراً، في الوقت الذي يُعاني فيه الأتراك من أزمة معيشية خانقة وزيادة الفقر، فضلاً عن مستويات قياسية من التضخّم، وتدهور الليرة التركية.
الرئيسة المشاركة لحزب الشعوب الديمقراطي، والذي يسعى حزب العدالة والتنمية الحاكم وحليفه حزب الحركة القومية لحظره، هاجمت أردوغان وزوجته أمينة أردوغان لدعوتهما الأتراك للتقشّف. وقالت بولدان، خلال الاجتماع الأسبوعي لحزب الشعوب الديمقراطي بالبرلمان التركي، إن عائلة أردوغان تنفق سنوياً 2.8 مليار دولار سنوياً، هي نفسها التي تطالب الأتراك بالتقشف وتقليص النفقات في مواجهة الأزمة الاقتصادية الآخذة في التفاقم، وعبرت عن استغرابها من مطالبة أمينة أردوغان الشعب التركي بتقليص النفقات والتقشف، معتبرة أن ما صدر عنها “وقاحة”، قائلة: “لا يمكن وصف تصريحها بشيء آخر، الشعب التركي يحاول إطعام نفسه من القمامة وبقايا الطعام بالأسواق”.
وتأتي تصريحات زعيمة حزب الشعوب الديمقراطي، والذي يتعرّض منذ العام 2016 لحملة شرسة تستهدف إضعافه وإقصاءه من المشهد السياسي التركي، فيما تؤكّد تقارير محلية تدني المقدرة الشرائية للمواطن التركي بفعل الأزمة الراهنة، وتعرّض الليرة التركية لهزات منذ العام 2018 متقلبة بين انهيار وآخر وانتعاش طفيف أحياناً، إضافة إلى ارتفاع نسبة التضخم مع موجة غلاء في الأسعار.
كما تأتي تلك التصريحات بالتزامن مع انتقادات مماثلة على لسان رئيس حزب المعارضة الرئيسي، كمال كليجدار أوغلو، الذي هاجم تعميماً صادر عن حكومة حزب العدالة والتنمية الحاكم يتعلّق بتدابير التقشف في القطاع العام، وقال، في كلمة أمام اجتماع كتلة حزبه بالبرلمان، موجّهاً كلامه لأردوغان: “لقد أصدر تعميماً جديداً بشأن تدابير الادخار، أصدرت حكومة حزب العدالة والتنمية تعميمات تقشفية 6 مرات منذ عام 2003، لكن تعميم تدابير الادخار بالنسبة لأردوغان قصر جديد. يصدر تعميماً ويقول لن أمتثل. هناك ترف ورشوة وفساد”.
وأضاف كليجدار أوغلو: “لقد أسسوا نظاما للصوص، الليرة التركية تذوب أمام الدولار الأميركي. يقولون: نحن محليون ووطنيون، لكنهم ليسوا كذلك”.
وتقول وسائل إعلام تركية: إن أردوغان أصدر وأقر تعميماً يتعلق بتدابير الادخار في القطاع العام، إلا أنه تم استثناء إدارة الشؤون الإدارية الرئاسية والأمانة العامة للبرلمان من هذا التعميم.
حسن أوزبيليك، المتقاعد البالغ من العمر 71 عاماً، والذي يبيع المناديل الورقية في إسطنبول، قال للصحيفة: “يطلبون منّا أن نقتطع من طعامنا، لكن لديهم المال لإنفاقه على حقائب اليد وبناء قصور فاخرة في مرماريس”، وأضاف: “قال أردوغان دائماً إنه يمثل الناس العاديين، وقد جاء هو نفسه من جذور متواضعة، لكننا الآن نرى أنه يعيش مثل السلطان بينما يكافح الآخرون”.
من جهته، قال بوراك أرباي، النائب المعارض في موغلا، حيث تمّ بناء القصر الجديد، إنّ الشعب التركي “سئم وتعب” من نفاق رؤساء بلادهم، وأضاف: “لا يتعلق الأمر (بالقصر) هنا فقط، فهناك قصر آخر في أنقرة، وقُرب بحيرة فان. كما يتعلّق الأمر بكل هذه الطائرات الخاصة، بينما يكافح الناس من أجل وضع الخبز على المائدة، فإنهم يرون كل هذا الترف والإسراف وبالطبع، يغضبون”.
ويقع القصر الصيفي الساحر في خليج أولوغول قرب مدينة مارماريس المتوسطية. ووفقاً للصحافة التركية فإن مشروع البناء كان مكلفا للغاية وغير صديق للبيئة، إذ تمّ اقتلاع 50 ألف شجرة لتوفير المجال لتشييد مقر الإقامة الصيفية لأردوغان.
وُيعد هذا ثالث قصر يبنيه أردوغان بأموال الضرائب. وانتقل أردوغان إلى مقر إقامته الرسمية الفخمة في أنقرة عام 2014. وبسبب تكاليف البناء الباهظة، التي بلغت نصف مليار يورو، ولكونه أيضاً شُيّد وسط محمية طبيعية، لقي مُعارضة كبيرة.
ومن آخر القصور التي يبنيها أردوغان، قصر فخم شيّده مباشرة على ضفاف بحيرة فان، ويُشبه من الناحية المعمارية قصر السلطان السلجوقي الأناضولي علاء الدين كيقباد الأول. ويقع القصر الجديد، الذي كُلّف به صديق لأردوغان، في نفس المكان الذي نصب فيه السلطان السلجوقي ألب أرسلان خيمته أثناء موقعة ضدّ البيزنطيين انتصر فيها عليهم.
وفيما تواصل الليرة التركية انهيارها وتشتد الأزمة الاقتصادية مُتسبّبة بارتفاع كبير في أعداد الطبقة الفقيرة، لا زال أردوغان يُشيد المزيد من القصور على الطراز العُثماني مُعزّزاً موت النظام الجمهوري للبلاد، وهدر المال في مشاريع لا تفيد الشعب التركي، وذلك بينما فشل السلطان الجديد وصهره، وزير المالية السابق بيرات البيرق، في تقديم أيّ حلول مُثمرة، مُقدّماً المزيد من الوعود فقط.
البعث-وكالات