دراساتصحيفة البعث

فيروس الجوع في تكاثر

سمر سامي السمارة

نشرت منظمة “أوكسفام” الخيرية الدولية تقريراً صادماً أعلنت من خلاله أن ما يصل إلى 11 شخصاً في مختلف أنحاء العالم يلقون حتفهم كل دقيقة بسبب الجوع وسوء التغذية، وهو رقم يتجاوز عدد الوفيات الناجمة عن فيروس كوفيد-19.

وبحسب التقرير المعنون بـ”فيروس الجوع في تكاثر”، تعتبر النزاعات، وفيروس كوفيد-19، وتغيّر المناخ العوامل الرئيسية للجوع العالمي. ويضيف التقرير أنه بعد مضي عام ونصف العام على جائحة كورونا يتجاوز عدد الوفيات الناتجة عن الجوع تلك الناجمة عن الفيروس، فالصراع المستمر، إلى جانب الاضطرابات الاقتصادية التي تفاقمت بسبب الوباء وأزمة المناخ المتصاعدة، عمّقت من حالة الفقر وانعدام الأمن الغذائي في ​​بؤر الجوع الساخنة في العالم وأنشأت معاقل في بؤر الجوع الجديدة.

يتابع التقرير: كان النزاع منذ بدأ انتشار الوباء المحرك الأكبر للجوع، والعامل الأساسي الذي دفع ما يقرب من 100 مليون شخص في 23 دولة مزقتها النزاعات إلى أزمة انعدام الأمن الغذائي، وعلى الرغم من الدعوات لوقف إطلاق النار عالمياً، للسماح للعالم بتركيز انتباهه على مكافحة الوباء، فقد استمر الصراع بلا هوادة.

وحتى مع اضطرار الحكومات لإيجاد تدفقات ضخمة من موارد جديدة لمكافحة فيروس كورونا، ارتفع الإنفاق العسكري العالمي العام الماضي بمقدار 2.7٪، أي ما يعادل 51 مليار دولار، وهو ما يكفي لتغطية ستة أضعاف ونصف ما تقول الأمم المتحدة إنها بحاجة إليه لوقف الجوع، وقد تصاعدت مبيعات الأسلحة في بعض البلدان التي مزقتها النزاعات، فعلى سبيل المثال زادت مالي من مشترياتها من الأسلحة بنسبة 66.9٪ منذ تصاعد العنف في عام 2012.

بشكل عام، يعاني 155 مليون شخص تقريباً في 55 دولة أزمة انعدام الأمن الغذائي بدرجات ترقى إلى مستوى الأزمات، وتعتبر إثيوبيا ومدغشقر وجنوب السودان واليمن من الدول الأكثر تضرراً من الجوع، إذ يواجه أكثر من نصف مليون شخص في هذه البلدان ظروفاً شبيهة بالمجاعة.

ويشير التقرير إلى أن حالة الطوارئ المناخية كانت العامل الرئيسي الثالث المتسبّب بالجوع  العالمي هذا العام، حيث فاقم حدوث 400 كارثة يسبّبها الطقس تقريباً، بما فيها العواصف والفيضانات التي حطمت الرقم القياسي، الوضع بالنسبة للملايين في جميع أنحاء أمريكا الوسطى وجنوب شرق آسيا والقرن الأفريقي، حيث تضرّرت المجتمعات بالفعل من آثار النزاعات والفقر الذي سبّبه الفيروس.

ويشير التقرير إلى أنه في غضون ذلك، ارتفعت ثروة أغنى 10 أشخاص بالعالم -9 منهم من الرجال- بمقدار 413 مليار دولار في العام الماضي، وهو ما يكفي لتغطية ما يزيد على أحد عشر ضعفاً لما تقول الأمم المتحدة إنها بحاجة إليه لعام 2021.

وأضافت غابرييلا بوشر، المديرة التنفيذية لمنظمة أوكسفام أن “العمال غير النظاميين والنساء والنازحين وغيرهم من الفئات المهمّشة الأخرى، هم الأكثر تضرراً من النزاع والجوع، تتأثر النساء والفتيات بشكل خاص، وغالباً ما تكون المرأة آخر من يأكل وأقل من يأكل، كما يواجهن خيارات مستحيلة، مثل الاضطرار إلى الاختيار بين الذهاب إلى السوق والمخاطرة بالتعرض للاعتداء الجسدي أو الجنسي، أو مشاهدة أسرهم وهي تعاني من الجوع”.