متى يعاد النظر بعقد “إذعان” التأمين الصحي.. وأي دور للتنظيم النقابي في الملف الشائك.!؟
ما من عقد شابه ما شابه من عيوب وملاحظات, وكتب عنه الكثير.. كما هو حال عقد التأمين الصحي, والذي تصر الغالبية من المشمولين به ومن خلفهم التنظيم النقابي على تسميته بعقد الإذعان، وهم محقون بذلك, نظراً لتغييبهم قسراً عن مجرد إبداء الرأي بهذا العقد، علماً بأنهم كما يقال “أب وأم الصبي” وكل ما يتفرع عنهما من إخوة وأبناء وزوجات.
واليوم وبعد مضي أكثر من عقد من الزمن على توقيع العقد المبرم بين بعض شركات ومؤسسات القطاع العام الإداري والاقتصادي وشركات التأمين الخاصة, وفي ظل هذا الجنون من الفوضى وغلاء الأدوية والفحوص المخبرية والشعاعية وأجور الطبابة وغيرها الكثير من الملاحظات والشكاوى التي وصلت من معلمين وموظفين في محافظة طرطوس – كمثال – تفتح “البعث” هذا الملف الشائك في محاولة لفك بعض طلاسمه وأحجيته التي باتت مصدر قلق وشكوى قائمة، ولا سيما بالنسبة للمشمولين به والذين يعانون من أمراض مزمنة وأيضاً سرطانية، حيث تغلق أمامهم أبواب الاستفادة من حقهم بالتغطية العلاجية أو الدوائية الكاملة تحت حجج ومبررات مكررة من دون إغفال دور التنظيم النقابي وأي دور لمؤسسة التأمين الراعية والمشرفة لعمل هذه الشركات وفق القانون الناظم لعمل هذه الشركات، وهل من رؤية مستقبلية لتطوير هذا العقد بما يحقق مصلحة العمال بالمقام الأول…
وجهات نظر المعلمين
تقول المدرسة فدوى: إن عقد التأمين الصحي والذي تم فيه إلزام المعلمين بالاشتراك فيه ودون إبداء رأيهم، فيما إذا كانوا يرغبون بذلك أم لا، لم يحقق ما كان يحلم به المعلم رغم كثرة الوعود التي تم إطلاقها، فمن بين الملاحظات عند مراجعة الطبيب غياب الشبكة وتأخر صرف بدل أو أجرة المعاينة، ومع ذلك يقوم الطبيب بتقاضي أجرة لا تقل عن الألفي ليرة بدون حرج أو منة، لتأتي رحلة البحث عن الدواء في الصيدليات، حيث يتفاجأ المشمول بالتأمين أن معظم ما هو مدون في الوصفة الطبية غير مغطى بالتأمين أو لم تتم الموافقة سوى على صرف المبالغ البسيطة، فيما الأدوية المرتفعة الثمن دون تغطية، ما يجعل حامل البطاقة يتردد بحملها وعرضها لمزود الخدمة، لكثرة ما نسمعه بعدم جدوى حملها أو مزاجية بعض الأطباء بقبولها وغير ذلك.
وشكا المعلم وحيد ارتفاع أجور التصوير الشعاعي وعدم قبول معظم الصور ومنها الرنين المغناطيسي التي تصل قيمة بعضها لأكثر من مئة ألف ليرة في مراكز طرطوس ما يشكل صعوبة في دفع قيمتها الفورية.
دور نقابة المعلمين
ويشير أحمد حسن نقيب معلمي طرطوس لجملة من الملاحظات حول العلاقة العقدية بين المعلم والجهة التأمينية ومنها تهرب مزود الخدمة \طبيب – صيدلي \ من إدخال بطاقة التأمين بحجة عدم الاشتراك بالتأمين، والسبب يعود إما لضعف البنية التحتية للانترنت أو بطء الشبكة أو التأخر بدفع قيمة المعاينة والأدوية لمزود الخدمة المتعاقد مع شركة التأمين، وكذلك عدم وعي الزميل لمفهوم التأمين الصحي والخدمات المغطاة وغير المغطاة وخضوع بعض الموافقات لمزاجية الطبيب المناوب في شركة التأمين، حيث يعود للموافقة عند الاتصال به والإلحاح على الوصفة، وكذلك ارتفاع أسعار الأدوية الأمر الذي أدى لانخفاض سقف التغطية وكذلك استبدال بعض الأدوية المكتوبة بالوصفة المزمنة بأدوية أرخص ولشركات أخرى وطلب تحاليل أو صور عند وصف بعض الأدوية من أجل الموافقة وهذا يشكل صعوبة جديدة وإرباك للزميل المؤمن، وطالب حسن بوضع لوحة مزود الخدمة في غرفة الانتظار توضح اشتراك الطبيب أو الصيدلي مع التأمين وافتتاح فترتين للتسجيل بالتأمين بالنسبة للزملاء المتقاعدين في شهر آذار وأخرى في شهر آب ولمدة ستة أشهر، ليتسنى لمن استقال أو تقاعد بعد الشهر الثالث التسجيل بالتأمين، بالإضافة لطلب إعادة تقييم الوصفة الدائمة للزملاء المتقاعدين سيما وأن معظم الزملاء يتناولون أدوية مزمنة منذ عشر سنوات، مع أهمية إشراك النقابة كممثل للمعلمين عندما يتعلق الأمر بمثل هذه القضايا الحساسة والتي تؤثر سلباً على حقوق المعلمين ومصالحهم، ولا سيما بالنسبة للمتقاعدين للظروف المادية الصعبة والحاجة لتقديم أفضل الخدمات الصحية وهذا واجب النقابة تجاههم.
كلام مماثل…
يشكل موظفو الخدمات الفنية مع المعلمين في طرطوس العمود الفقري لعقد التأمين الصحي لكونهما يشكلان جيشاً بشرياً من الموظفين الذين تم إشراكهم بعقد التأمين إضافة لموظفين من بقية الشركات والمؤسسات العامة.
يقول وسام حمد رئيس دائرة التأمين الصحي: إن أهمية العقد تكمن في تشميل جميع العاملين وتحقيق العدالة في تقديم الخدمة للجميع بعكس ما كان قبل إبرام العقد، حيث كانت تستحق الطبابة لقسم من العاملين فقط.
وبسبب الظروف الحالية ونتيجة للارتفاع الكبير في أسعار الأدوية وتكاليف المعاينات الطبية والتحاليل والصور والعمليات الجراحية تبين وجود مشكلات في ضعف التغطية خارج المشفى وداخلها لجميع الخدمات المقدمة وكذلك مشكلة العاملين الذين يعانون من أمراض مزمنة، فقد أصبح شراء الدواء يشكل عبئاً وضغطاً ثقيلاً وكذلك عدم تشميل جميع الأمراض والتحاليل بالتأمين الصحي ومنها الفيتامينات والتحاليل الخاصة والتي غالباً ما تكون مرتفعة الثمن وعدم تشميل المعالجات السنية وبعض الحالات العينية.
واقترح حمد زيادة التغطية لجميع الحالات وتخفيض نسبة التحمل للعامل ودراسة موضوع الأمراض المزمنة بما يتناسب مع أوضاع العاملين المرضى وتفعيل دور الرقابة للمؤسسة العامة للتأمين الصحي على شركة إدارة النفقات الطبية وتوحيد الأسس والضوابط والموافقات التي يحصل عليها العامل لدى شركات إدارة النفقات الطبية للعقود المتشابهة \ العقد الإداري \.
والصيادلة اشتكوا…
عدد من صيادلة طرطوس أشاروا لمشكلة البطاقة التأمينية وكثرة مراجعة المرضى لعدم تغطية كامل الوصفة وتأخر قبولها، وقالت رشا: إن أهم المشاكل التي تسبب توتراً وحرجاً للصيدلي غياب وضعف النت والتقنين الكهربائي الطويل ومزاجية الطبيب المعالج وطبيب التأمين في قبول الوصفة كاملة أو رفضها وتأخر الرد، من هنا الحاجة الماسة لمعالجة هذه المشاكل وإعادة النظر بالعقد التأميني وتطويره وتهيئة البنية التحتية اللازمة.
رأي مديرية التأمين
ياسر حمود مدير فرع تأمين طرطوس أشار لوجود نوعين من العقود الأول إداري والثاني اقتصادي ويتكون العقد من ثلاثة أطراف هي مؤسسة التأمين والمؤمن له وشركة الإدارة \مقدمي الخدمة \ برعاية ومراقبة المؤسسة الراعية للعقد والمراقبة للاستخدام سواء لسوء الاستخدام أو التقصير، حيث يتم العمل على معالجة المشكلة مباشرة، وشكاوى التأمين الصحي تكاد تكون معدومة وعلى المؤمن دفع الأقساط المترتبة للنفقات الطبية وحول إمكانية إعادة النظر بالعقود والتغطيات أكد حمود أن المؤسسة بصدد إعادة دراسة تغطيات العقد، حيث تم رفع توصية لرفع بدلات الاشتراك وزيادة التغطيات نتيجة زيادة الأسعار وتكاليف الصور والتحاليل والأدوية، والموضوع برمته قيد المعالجة ولمصلحة المؤمنين لتغطية الفروقات السعرية الحاصلة على المستلزمات الطبية وأسعار الأدوية، لتصبح على سبيل المثال التغطية داخل المشفى \2000000\ ليرة بدلاً من \65000\ ليرة، وخارج المشفى من \200000\ ليرة بدلاً من \50000\، إضافة إلى 25000 في حال وجود أمراض مزمنة, وبيّن مدير فرع التأمين الحرص على تأمين جميع المواطنين ومنهم الأسرة الكاملة وغيرهم من الموظفين والمتقاعدين بما يحقق الطمأنينة لهم.
كلمة لا بد منها
بكل الأحوال ومهما قيل في عقد “الإذعان ” كما أجمع عليه كل من تحدث فإن تصحيح العلاقة العقدية بين الأطراف الموقعة أصبح حاجة ملحة تفرضها المتغيرات الطارئة على سوق الأدوية وأجور المعاينات والعمليات والتحاليل المخبرية وغيرها، وإشراك النقابات بما يعزز ثقافة التشاركية بين الجهات المعنية بدل وقوفها كمتفرج, الأمر الذي من شأنه تحقيق الغاية المرجوة من تشميل العمال بالتأمين وليس تحقيق مصلحة طرف هو الأقوى أساساً وعلى حساب العمال والمعلمين, وعليه فإن تحقيق هذا المطلب “الإشكالي” ربما يشكل بداية صحيحة لتعميم ثقافة الضمان وشموليته وفوائده الشاملة على كافة الأطراف وعندئذ تنتفي صفة “الإذعان”…فهل تأتي قادمات الأيام بأخبار سعيدة حول ذلك.!؟
لؤي تفاحة