أردوغان – هرتسوغ.. اتصال بحجم العلاقة
الدراسات
ليس غريباً على رأس النظام التركي أن يهنّئ إسحاق هرتسوغ، رئيس الكيان الصهيوني، على تولي منصبه الجديد، ويؤكد له في المكالمة الهاتفية بينهما أن العلاقات بين الكيانين لها أهمية كبيرة، وأنه من الضروري الحفاظ على الاتصالات والحوار بين النظامين.
في الواقع، يستغلُ رئيس النظام التركي العدوان الإسرائيلي على الأراضي الفلسطينية المحتلة لتقديم نفسه كزعيم للمسلمين ولتحقيق أهداف سياسية داخلية، لكن رغم هجوم أردوغان المتكرّر على الكيان الإسرائيلي، إلا أن بلاده تبذل جهداً كبيراً لتطبيع العلاقات مع الكيان، وفق ما يقول سنان أولجن رئيس مركز دراسات الاقتصاد والسياسة الخارجية في إسطنبول.
تعدّ تركيا واحدة من الدول ذات الأغلبية المسلمة القليلة التي تمتلك رغبة في التعامل مع “إسرائيل” على أي مستوى، حيث تشكل تركيا وأذربيجان و”إسرائيل” مثلثاً استراتيجياً، كما يتضح من النزاع الأخير حول إقليم كاراباخ، كما أن هناك العديد من الأسباب التي تعطي أهمية لوجود علاقات بين النظامين، ومن أهمها أن التحالف الاستراتيجي بين البلدين – منذ عام 1994 – قائم على مصالح إستراتيجية كبيرة، تضمن استمراره وتطوره مهما يحدث من خلافات. وأبرز هذه المصالح المصالح العسكرية، كون “إسرائيل” تعدّ مصّدراً مهماً للتكنولوجيا العسكرية بالنسبة للجيش التركي. وهذه إحدى النقاط التي تصبّ في مصلحة “إسرائيل” داخل تركيا، لما للجيش من تأثير سياسي وقدرة على توجيه دفة القرار السياسي بشأن القضايا المختلفة. ونظراً لاستناد العلاقات التركية الإسرائيلية على قاعدة راسخة من المصالح، فإن الحكومات التركية المتعاقبة على اختلاف توجّهاتها حرصت على المحافظة عليها.
ولعلّ المثال البارز في هذا الشأن هو حكومة زعيم حزب “الرفاه” نجم الدين أربكان الذي شهدت العلاقات مع “إسرائيل” في عهده تطوراً ملحوظاً على الرغم من التوقعات العربية التي سادت حينها بعكس ذلك.
أما الدور الأمريكي فلا يغيب عن هذه العلاقة، فقد دفعت واشنطن البلدين إلى التحالف وشجّعت ذلك، ووقفت وراءه لتحقيق أهداف إستراتيجية عدة، أبرزها رغبة الولايات المتحدة في بناء تحالف تركي “إسرائيلي” للعمل على مشروع الشرق الأوسط الجديد الذي يعدّ هذا التحالف بين البلدين نواة مهمّة له. ومن هنا فإن الولايات المتحدة لن تسمح بقطيعة بين أنقرة وتل أبيب لأي سبب، وستعمل على تسوية أي خلاف بينهما.
لذلك ترى تركيا ذاتها في تحالفها مع “إسرائيل” تعظيماً لدورها في الإستراتيجية الأمريكية في المنطقة بعد أن تراجع هذا الدور عقب انتهاء الحرب الباردة، إذ كانت تركيا حائط الصدّ المتقدّم ضد أي تمدّد للنفوذ السوفييتي. يضاف إلى ذلك الوضع الاقتصادي الصعب لتركيا وحاجتها إلى مساعدة الولايات المتحدة، الأمر الذي يجعلها متمسّكة بالتحالف مع “إسرائيل” باعتبارها من الطرق المهمّة إلى قلب واشنطن.