“حملة القلم الإنساني” يصمتون.. الحسكة عطشى للأسبوع الثالث
دخلت أزمة انقطاع المياه في الحسكة جراء قطع الاحتلال التركي ومرتزقته المياه من محطة علوك في منطقة رأس العين المحتلة بشكل كامل أسبوعها الثالث، حتى بات تأمين مياه الشرب الشغل الشاغل والهم الأكبر الذي يؤرق رب كل أسرة في الحسكة وريفها، التي تأن تحت وطأة أزمة خانقة تهدّد حياة مئات آلاف المدنيين، وسط غياب كامل من قبل المنظمات الدولية والدول الغربية، التي تتغنّى بإنسانيتها، وصمت متواطئ مما يسمى “حملة القلم الإنساني” في مجلس الأمن، والذين رفضوا حتى اعتماد بيان رئاسي على الأقل يدين استهداف أردوغان لمحطة علوك المائية المدنية، واستخدامه المياه سلاحاً لمعاقبة المدنيين.
أزمة المياه التي أخذت منحى تصاعدياً لناحية المعاناة اليومية في تأمين مياه الشرب، أضافت إلى يوميات إدوار كاتو التزامات جديدة وهموماً إضافية أمام مشهدية مؤلمة وهو يشاهد مدينته التي تعاني العطش جراء هذه الجريمة البشعة المتواصلة لنظام أردوغان الإخواني على مرأى ومسمع من المنظمات الدولية والعالم.
يتحدّث إدوار، وهو من ذوي الاحتياجات الخاصة ويقطن في شارع فردوسة في مركز مدينة الحسكة، عن انعدام الحلول الجذرية حتى الآن لتأمين المياه، قائلاً: “الطريقة الوحيدة هي أن تذهب بنفسك إلى الخزان كي تأخذ حاجتك من مياه الشرب يومياً وتنقلها من مسافة بعيدة.. لقد أنهكني نقل المياه.. ولم أعد أقوى على تحمل هذه المشقة”، وبحكم إعاقتي لا يمكنني حمل أكثر من إناء لذلك فأنا مضطر للذهاب مرات كثيرة إلى الخزان وإفراغ قسم من المياه في فلتر مياه مخصص للشرب والقسم الآخر للاستخدام المنزلي بعد ترشيد وتقنين صارمين، ويتابع: “لا أملك خياراً آخر.. يجب أن أذهب للبحث عن خزان ما زال فيه قليل من الماء.. لقد أصبح ذلك مشهداً طبيعياً لحياتي اليومية.. للحظات أذهب بتفكيري إلى العائلات التي لا تملك معيلاً كيف تتدبر أمورها في ظل استمرار هذه الجريمة وصمت العالم”، لافتاً إلى أنه لا يمكن “الاعتماد على مياه الآبار السطحية فعلاوة عن كونها نادرة فهي لا تصلح حتى للاستخدام المنزلي وآثارها سلبية على الأسطح وتمديدات الصرف الصحي لارتفاع ملوحتها وزيادة نسبة الكلس فيها”.
أم بشرى زوجة إدوار تقول: إن معاناة تعبئة المياه كبيرة “فلا يوجد من يعين زوجي.. لدينا ثلاث بنات اثنتان منهن في الجامعة وواحدة تعيش معنا ونقطن في الطابق الثالث.. لا بد من حلول جذرية لمشكلة مياه الشرب.. يجب إنهاء هذه المعاناة.. فعملية الحصول على صهريج لتعبئة الخزان المنزلي أمر شبه مستحيل، فعدد الصهاريج التي تعمل حاليا لتعبئة خزانات الأهالي لا يمكنه أن يسد الحاجة.. المدينة كبيرة واستهلاك المياه أكبر لدرجة أن الخزانات الكبيرة ضمن الشوارع يتم إفراغها بأقل من ساعة من قبل الأهالي المطلوب حل جذري لمحطة علوك.. وزيادة عدد الخزانات في الشوارع لتكون قريبة من الجميع كحل إسعافي مؤقت”.
مشهد يومي.. عشرات ومئات من الأهالي يتجمّعون عند الخزانات بحثاً عن مياه الشرب، وأطفال يتفوّقون على أعمارهم وقدراتهم الجسدية ليحملوا ما يتاح لهم من المياه لمسافات طويلة في درجة حرارة تتجاوز الـ 45.. وعجوز يقف منتظرا أمام أحد الخزانات الفارغة ليصل الصهريج لعله يظفر بما يتيح له الاستمرار إلى الغد.. وامرأة تأمل بتعبئة خزان المنزل من الصهريج مباشرة لتأخذ قسطاً من الراحة وتستعيد قواها لرحلة شاقة جديدة.. مثل الرجل الواقف بجانبها، فقد أنهى عمله وبدأ رحلة البحث عن مياه تغطي حاجات أسرته من شرب وغسيل وطبخ وغيرها حتى شروق شمس يوم آخر، لتعود معاناتهم من جديد في ظل استمرار المحتل التركي وقف الضخ وقطع المياه عن مليون مواطن يعيشون في الحسكة والتجمعات السكانية الممتدة على طول خط الجر.
إلى ذلك يستمر المحتل التركي بقطع مياه الشرب من محطة علوك، ويشير مدير المياه في الحسكة المهندس محمود عكلة إلى “استمرار أزمة المياه فالمحتل التركي مستمر بوقف الضخ.. وحالياً نتابع بالتعاون مع كل الجهات المحلية والمنظمات الإغاثية لتأمين مياه الشرب لأبناء المدينة عبر الصهاريج كحلول إسعافية بالاعتماد على محطة مياه نفاشه شرق مدينة الحسكة، والتي تشهد ازدحاماً كبيراً من أصحاب الصهاريج”.