“الانقلاب”.. ذريعة أردوغان الدائمة
تقرير إخباري
قبل خمس سنوات وفي 15 تموز عام 2016 وقعت محاولة انقلاب فاشلة شهدت تركيا بعدها تغييرات كثيرة بدأت بحملة اعتقالات طالت أكثر من 160 ألف شخص بين معتقل ومطرود ومقال، من رجال شرطة إلى طيارين إلى مدرّسين إلى رجال أعمال، ورغم ذلك لا يزال أردوغان يستغل ملف جماعة “الخدمة” وزعيمها فتح الله غولن، حليفه القديم، لتبرير سياساته، حتى أنه أكد أنه سيتعقب تنظيم “غولن” حتى آخر عنصر كما فعل مع باقي التنظيمات الإرهابية، فيما يؤكّد محللون أن أردوغان يعود للحديث عن ملف الجماعة، التي أوصلته للحكم، كلما تعرّض لأزمات داخلية، وخاصة الاقتصادية منها.
صوّر أردوغان وحلفاؤه الانقلاب الفاشل بأنه من عمل أعداء يتآمرون على تركيا، وبدأ باضطهاد معارضين له لم تكن لهم أي علاقة بالمحاولة الانقلابية، فقد طرد المئات من الأكاديميين من وظائفهم، منهم أولئك الذين وقعوا على بيان طالبوا فيه الحكومة بوقف عملياتها العسكرية في عدد من المناطق في البلاد، كما شنّ نظام أردوغان حملة ملاحقة واسعة، خارج إطار القانون الدولي، منتهكاً سيادة عدة دول في عمليات مطاردة خارجية لعناصر مفترضين ينتمون لشبكة “غولن”.
أردوغان كان يحلم منذ أمد بعيد بتوطيد سلطته عن طريق تعديل الدستور، بحيث تتحوّل تركيا من النظام البرلماني إلى نظام يلغي منصب رئيس الحكومة ويسمح له بترسيخ قبضته على البلاد، ووجد في الانقلاب فرصته الذهبية لتعديل الدستور.
وبالفعل، وافق الناخبون الأتراك في استفتاء أجري في 16 نيسان من عام 2017، على توصيات أردوغان وإصلاحاته المقترحة، وخيّم شبح المحاولة الانقلابية على معركة الاستفتاء، إذ وصف أردوغان المصوتين “بلا” على أنهم “متواطئون مع الانقلابيين”، بينما تردّد العديد في انتقاد الحكومة نتيجة حالة الطوارئ التي فُرضت عقب المحاولة.
وقد رأى المعارضون أن منح صلاحيات واسعة لرئيس البلاد، بحيث يجمع بين يديه سلطات كبيرة، سيحوّل بالتالي نظام الحكم إلى نظام حكم الرجل الواحد من دون أن تكون هناك ضوابط قانونية لمساءلة الرئيس عن سياساته وممارساته.
من ناحية أخرى أدّت الاضطرابات السياسية إلى انكماش الاقتصاد، إذ وصل معدل البطالة في تركيا حالياً إلى نحو 13 في المئة، وأصبحت المعبر الرئيسي للاجئين المتوجهين إلى أوروبا، إذ كان الآلاف منهم يحاولون يومياً العبور من البر التركي إلى الجزر اليونانية ويغرق العديد منهم في البحر. وعليه أبرمت تركيا اتفاقاً مع الاتحاد الأوروبي لإيقاف هذا السيل يتضمن إعادة أولئك الذين ترفض طلبات لجوئهم إلى تركيا، ويعتقد على نطاق واسع أن الزعماء الأوروبيين خففوا من انتقاداتهم لأردوغان لحاجتهم لتعاونه في قضية اللاجئين والمهاجرين، ولكن الغضب من أردوغان المتقلّب تصاعد لدرجة دعوة البرلمان الأوروبي إلى تعليق مفاوضات انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي.
هناء شروف