مرتزقة أردوغان إلى أفغانستان.. وطالبان ترفض الخطة الأمريكية التركية في مطار كابول
البعث ــ تقارير:
في منتصف حزيران، اقترحت تركيا خطة لاحتلال مطار كابول والقيام بإجلاء الرعايا “الغربيين”. ورغم أن من المتعارف عليه أن حماية البعثات الدبلوماسية لا تتم باحتلال المطار الرئيسي لدولة أجنبية، إلا أن الولايات المتحدة الأمريكية عملت على تطوير الخطة، بحيث ينبغي الاستنتاج أنه لابد أن تكون هناك أسباب أخرى لطرح ذلك على الطاولة.
وقد حاولت وكالة المخابرات المركزية الأمريكية تأمين قواعد الطائرات بدون طيار في البلدان المجاورة لأفغانستان، لـ “مواصلة الحرب على تهريب المخدرات وضد القاعدة في أفغانستان”، وقد أجرت مفاوضات مع باكستان بهذا الشأن، لكن رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان رفض الخطة علناً. ومع عدم وجود دولة أخرى حول أفغانستان مستعدة لدعم وكالة المخابرات المركزية، كان على الوكالة أن تجد طريقة للبقاء في أفغانستان. وسوف تسمح السيطرة التركية على مطار كابول لواشنطن بالحفاظ على طائرات بدون طيار في البلاد، والبقاء على اتصال بشبكاتها على الأرض.
لكن مثل هذا الموقف يمكن أن يكون مؤقتاً فقط. فعندما تسيطر طالبان على كابول – وليس هناك الكثير مما يوحي بأنها ستجد صعوبة في ذلك – فإن المطار سيكون تحت النار؛ وقد استولت طالبان الآن على ما يكفي من المدفعية بعيدة المدى لمحاصرته وقصفه وتدميره.
كما لابد من استقدام الدعم الجوي الأمريكي للقوات التركية من الشرق الأوسط البعيد، أو أن يمر عبر المجال الجوي الباكستاني، بحيث يبدو الاستمرار باحتلال المطار على المدى الطويل غير ممكن.
وبحسب التسريبات الإعلامية، فإن تركيا ستوظف المرتزقة “الثوار السوريين” لإرسالهم إلى كابول، فقد ناقش عناصر من المخابرات الوطنية التركية الموضوع في 24 حزيران الماضي مع ممثلين عن عدة فصائل إرهابية تنضوي تحت راية ما يسمى “الجيش الوطني السوري” المدعوم من تركيا، ولا سيما منه مجموعات “صقور الشام”، و”صقور الشمال”، و”فيلق المجد”، و”لواء سمرقند”، و”فرقة الحمزات”، و”فرقة السلطان مراد”، و”لواء سليمان شاه”.
ويقول التقرير: إن هذه المجموعات تلقت أوامر بالبدء بالاستعداد لنشر ألفي مرتزق في أفغانستان، مضيفاً أن ممثلي هؤلاء طالبوا بمرتبات شهرية قدرها 3000 دولار للمرتزقة. وقد جرى الاجتماع في قرية حوار كيليس القريبة من بلدة أعزاز، على مقربة من الحدود التركية، وأن مسؤولي المخابرات طلبوا 2600 مرتزق.
وتشير مصادر إلى أنه على عكس نقل المرتزقة في إطار حربي ليبيا وناغورنو كاراباخ، فإن تركيا هذه المرة أكثر اهتماما بصورتها، وستقوم بتجنيدهم عبر عقود رسمية مع شركات أمنية تركية خاصة. وسوف يشرف على العملية عملاء لأجهزة المخابرات التركية، لأن أعضاء المجموعات الإرهابية لا يثقون بمتزعميهم. وبحسب الخطة، سيكون المرتزقة مسؤولين بالدرجة الأولى عن حراسة مطار كابول والمباني الحكومية، دون المشاركة في عمليات ضد طالبان، وسيتقاضون راتباً شهرياً يتراوح بين 2000 و3000 دولار.
رغم ذلك، لا تزال تركيا تتفاوض مع الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي، وهي تريد تقاضي أجور زائدة مقابل ما تقدمه من “خدمة”، فقد أكد وزير الحرب التركي خلوصي أكار، الثلاثاء، إن تركيا تواصل المفاوضات بشأن تأمين وتشغيل مطار كابول في أفغانستان مع الولايات المتحدة ودول أخرى، موضحاً للصحفيين في أنقرة أن “هناك بعض القضايا التي اتفقنا عليها مع (وزير الدفاع الأمريكي لويد) السيد أوستن في المفاوضات، وهناك تطورات إيجابية داخل الناتو مع مبادرات تركيا”.
وقال أكار إن المناقشات مع الوفد الفني الأمريكي بشأن المطار مستمرة بطريقة بناءة، وشرح بأن القضية متعددة الأوجه، و”هناك دول أخرى تريد مساعدة أفغانستان.. ونحن نحاول مواصلة العملية مع أشقائنا الأفغان وحلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي والمجتمع الدولي”.
ولكن طالبان حذرت تركيا بالفعل يوم الثلاثاء من متابعة هذه الخطط، وتوسيع وجودها العسكري في أفغانستان عندما تغادر القوات التي تقودها الولايات المتحدة البلاد، مؤكدة أن هذه الخطوة “مستهجنة”. وقالت الحركة إن تعهد تركيا بتقديم قوات لحماية مطار كابول عندما تغادره القوات الأجنبية، قرار.. مضلل ويشكل انتهاكا لسيادتنا ووحدة أراضينا ويتعارض مع مصالحنا الوطنية”.
وقالت طالبان أنها “تعتبر وجود قوات أجنبية في وطننا من قبل أي دولة وتحت أي ذريعة كانت احتلالا”، مضيفة أن “الغزاة” سيعاملون وفقا للفتوى التي قاتلوا بموجبها طوال العقدين الماضيين”، أي أعداء.
ويضفي إعلان طالبان مزيداً من التعقيد على مهمة رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان، الذي لا يستطيع تبرير نشر القوات بشكل منتظم. ويصنف ناخبوه السياسيون باعتبارهم مؤيدين إلى حد كبير لطالبان، وهو لا يستطيع الإدعاء بأنه “مسلم صالح” إذا تجاهل الفتوى التي دعمت طالبان على مدى السنوات العشرين الماضية.
ولربما توقع أردوغان هذه المشكلة، ولربما يمكنه تسويق “المتعاقدين الأمنيين” الأتراك تحت قيادة الجيش التركي أو المخابرات التركية والمرتزقة – بمن فيهم الأويغور، الذين يعملون كـ “عملاء أمنيين خاصين” – على أنهم شيء آخر غير “غزاة”. على الرغم من أنهم، كما العادة، يعملون سراً لدعم وكالة المخابرات المركزية، لكن هذه الحيلة لن تنطلي على طالبان.
وبالنسبة لأردوغان، يمثل الانتشار في كابول فرصة للعودة إلى الولايات المتحدة مع الحصول على المزيد من الأموال من الناتو. وبالنسبة لوكالة المخابرات المركزية، هي فرصة “للبقاء نشطة” في أفغانستان ومراقبة الصين بينما تتكشف دورة جديدة من “اللعبة الكبرى”، فهناك افتراضات قوية داخل [منظمة شنغهاي للتعاون] بأن أجندة الولايات المتحدة العميقة هي تأجيج نيران الحرب الأهلية الوشيكة في أفغانستان، ثم تمديدها إلى بلدان آسيا الوسطى، مع التلاحم بين “الكوماندوز” التكفيري المشبوه مع الأويغور، والذي من شأنه زعزعة استقرار شينغيانغ في الصين.
في هذه الحالة، سيكون الانسحاب نوعاً من إعادة الانتشار، مع بقاء 18 ألفاً من المتعاقدين – المرتزقة في البنتاغون، بالإضافة إلى القوات الخاصة وأنواع العمليات السوداء من وكالة المخابرات المركزية، وعلى نحو يتيح لواشنطن تطوير السردية المألوفة: دعتنا حكومة كابول إلى القتال مع عودة ظهور “الإرهابيين”، ولمنع دوامة الحرب الأهلية؛ وستبدو نهاية اللعبة الممتدة وكأنها حرب هجينة مربحة للجانبين: الدولة العميقة وذراعها في الناتو.
لدى كل من روسيا والصين وإيران هذه الشكوك. لقد أجرت هذه الدول جميعاً محادثات مؤخراً مع طالبان. لقد أكدت رفضها أي انتشار إضافي أو إعادة انتشار لأي قوة في أفغانستان.
وسيكون من المثير للاهتمام أن نرى كيف يخرج أردوغان من هذا الوضع.