اليمين الدستوري.. صدق القول والعمل
د.معن منيف سليمان
لا يمارس الرؤساء والقادة وأصحاب المناصب العليا مهامهم إلاّ بعد أداء القسم؛ ولذلك نصّ الدستور السوريّ في المادة ( 42 ) منه، قبل أن يمارس رئيس الجمهورية ولايته يقسم أمام مجلس الشعب القسم الدستوري الوارد في المادة ( 3 ) من هذا الدستور، التي نصت كالآتي:” أقسم بالله العظيم أن أحافظ مخلصاً على النظام الجمهوريّ الديمقراطي الشعبي، وأن احترم الدستور والقوانين، وأن أرعى مصالح الشعب وسلامة الوطن”.
ويأتي خطاب القسم بعد فوز السيد الرئيس بشار الأسد بولاية رابعة في الانتخابات الرئاسية بنسبة 95.1 بالمئة من الأصوات، الأمر الذي عدّ “إعلان نصر”، بعد حرب استمرت نحو عشر سنوات خاضها الشعب السوري ضد الإرهاب، فالغالبية العظمى من السوريين قالوا كلمتهم: “بشار الأسد رئيساً، وأرسلت إشارة لكل الواهمين بالنيل من الدولة الوطنية بأن أوهامهم لن تتحقق أبداً، ونهاية المشروع التخريبي الغربي، وهو ما عبّر عنه سيادة الرئيس في خطابه الأخير بقوله: “الرسالة للأعداء وصلت، والمهمة الوطنية أُنجزت”.
لقد شهدت سورية منذ أن تولى الرئيس الأسد قيادة الدولة والمجتمع، انطلاقة تحديثية واثقة في البناء والتنمية الاجتماعية والاقتصادية والعلمية والثقافية، رافق ذلك التزام بالثوابت الوطنية والقومية رغم كل المتغيرات والتطورات الإقليمية والدولية والظروف التي تمر بها الأمة العربية، والتحديات الداخلية والخارجية. كما تعززت مسيرة بناء الدولة الحديثة العصرية، وترسخت من خلال تعزيز دور المؤسسات والمنظمات والنقابات، وكذلك تأكدت التعددية السياسية والاقتصادية التي أطلقها سيادته منذ توليه مهامه، إذ يعدّ صدور قانون للأحزاب في سورية من أهم الخطوات في إطار برنامج الإصلاح السياسي للسيد الرئيس، واستجابة للمطالب الشعبية، حيث يهدف هذا القانون إلى إغناء الحياة السياسية وتنشيطها والمشاركة في مسؤولياتها وتداول السلطة، وأن الرئيس هو واحد من بين مرشحين آخرين يتنافسون على كرسي الرئاسة.
وحققت سورية نسبة نمو متطورة، ووصل معدل النمو الاقتصادي إلى أرقام جيدة وسط محيط زاخر بالاضطرابات، وارتفعت الموازنة العامة للدولة، ورافقها ازدياد في الرواتب والأجور وارتفاع في دخل المواطن وتحسن في المستوى المعيشي للمواطنين، ورفعت وتيرة الخدمات المقدمة لهم، وجرت خلال هذه المدة تسوية الديون الخاصة الكبيرة، ما مكن الاقتصاد السوري من السير إلى الأمام بخطوات واثقة، عبر ما تحقق في قطاعات الإنتاج والخدمات والزراعة والصناعة، وهذه الإنجازات الاقتصادية كانت نتيجة طبيعية للسياسة الاقتصادية الناجحة التي أدار دفتها القائد الأسد.
كانت الأعوام الماضية مليئة بالعمل والحيوية في كل المجالات، فتم السير خطوات مهمة على درب الإصلاح الاقتصادي والإداري، ومحاربة الفساد والهدر والإتكالية والتسيب والفوضى، وتم إنجاز الكثير من المشاريع الاقتصادية الكبيرة، وتطوير الزراعة بالاهتمام بالزراعات الاستراتيجية، والوصول إلى الاكتفاء الذاتي وتحقيق الأمن الغذائي بالاعتماد على الذات، والاهتمام بالصحة والتربية والتعليم وبناء الجامعات وإحداث كليات جديدة في جميع المحافظات، وتعزيز دور المرأة السورية سياسياً واقتصادياً واجتماعياً ومشاركتها الفاعلة في الحياة الوطنية، بالإضافة إلى عشرات المراسيم التي أصدرها السيد الرئيس خلال هذه المدة بهدف تطوير الأداء، ولعل أبرزها منح الجنسية لعشرات الآلاف من المواطنين الأكراد السوريين وإلغاء قانون الطوارئ وإلغاء محكمة أمن الدولة العليا وقانون الأعلام وغيرها.
سورية دولة مؤسسات وقد أثبتت صمودها في وجه المؤامرات، والأيام القادمة ستشهد نقلات نوعية على كافة المستويات. ومهما جهدت دول العدوان أن تزيد الضغوط على الشعب السوري إلا أن الشعب يعلم بأنها مرحلة مؤقتة ستمضي والسنوات العجاف قد انتهت ويبقى المواطن السوري وحده هو صاحب القرار.
الرئيس الأسد الذي صمد مع شعبه لم يفقد الأمل على الرغم من الضغوط الشديدة، فكان يخلق الأمل في كل مرة، ذلك لأنه كان يعمل بصدق لمصلحة شعبه ووطنه حتى في أشد اللحظات وأصعبها. فقد اتخذ الرئيس الأسد عبارة “الأمل بالعمل” شعاراً، وأعلن “بداية مرحلة العمل” لبناء سورية كما يجب أن تكون مستنداً إلى أفكار هائلة لإعادة إعمار سورية، والالتفات إلى تحسين الوضع المعيشي التي ترجمت على أرض الواقع من خلال مرسوم زيادة الرواتب.
إن وقائع الأعوام الماضية كانت حافلة بتحديات كبيرة تؤكد نجاح الرئيس الأسد في قيادة شعبنا وأمتنا إلى بر الأمان وسط الأمواج العاتية والعواصف الشديدة. اليوم ونحن أمام تجربة ديمقراطية اعتادها الشعب السوري لا يمكن إلا أن نتحدث عن صدق القول والعمل من أجل بناء الوطن وحمايته وإعادة اعماره، العهد الذي أخذه السيد الرئيس على نفسه، وأقسم على العمل به بصدق أمام الله والشعب.