الفيضانات تغرق أوروبا.. أكثر من 150 قتيلاً ومخاوف من ارتفاع حصيلة الضحايا
ارتفع عدد ضحايا الفيضانات في أوروبا إلى 153 قتيلا، ففي ألمانيا ارتفع عدد من لقوا حتفهم إلى 133، وتم إجلاء أكثر من 3 آلاف غربي البلاد، كما لقي 20 شخصا مصرعهم في بلجيكا جراء الفيضانات.
وقالت الشرطة الألمانية إنه وفقا للمعلومات الحالية لقي 90 شخصا حتفهم في الكارثة في راينلاند بالاتينات، وهي واحدة من أكثر المناطق تضررا.
ويضاف ذلك إلى مقتل 43 شخصا في رينانيا شمال فستفاليا؛ وهي منطقة ألمانية أخرى ضربتها العواصف.
وهذه الحصيلة ما زالت أولية، إذ لا يزال العديد من الأشخاص في عداد المفقودين في غرب ألمانيا وبلجيكا، وهو ما يثير مخاوف من ازدياد الخسائر البشرية خلال الساعات القليلة المقبلة.
وتُعد هذه الفيضانات غير مسبوقة في تاريخ ألمانيا وبلجيكا، حيث اجتاحت أجزاء واسعة من البلدين وبلدانا أوروبية أخرى على مدار اليومين الماضيين.
وتحولت مناطق كاملة إلى حطام بعدما اجتاحت فيضانات الأنهار البلدات والقرى في ولايتي نورد راين وستفاليا وراينلاند بالاتينات.
وتسببت السيول الناجمة عن الأمطار الغزيرة المستمرة منذ الاثنين الماضي في انهيار المنازل وتدمير عدد من الطرق والبنية التحتية.
ولا تزال بعض المدن مقطوعة عن باقي البلاد بسبب غرق الطرق وتدمير الجسور، في وقت تستمر عمليات إجلاء السكان من بعض المناطق غربي البلاد، وقد تم إعلان حالة الطوارئ في مناطق أخرى.
وضربت الفيضانات المفاجئة أجزاء من ولايتي راينلاند-بالاتينات (غرب) وشمال الراين-وستفاليا (شمال غرب) وهما أكثر الولايات اكتظاظا بالسكان، مما أدى إلى تحول الشوارع إلى أنهار، وانهيار المنازل.
وأعلنت حكومة ولاية شمال الراين-وستفاليا حالة الطوارئ، وحثت الناس على تجنب المكوث في المنطقة.
وقالت مالو دراير رئيسة وزراء راينلاند بالاتينات لإذاعة “زد دي إف” (ZDF) “المعاناة تزيد” مضيفة أن أكثر من 50 شخصا لقوا حتفهم بسبب الفيضانات بهذه الولاية فحسب. وأشارت إلى أن البنية التحتية دُمرت بالكامل وسيحتاج إصلاحها لكثير من الوقت والمال.
وكتبت حكومة شمال الراين-وستفاليا المجاورة على فيسبوك أن هناك نحو 1300 شخص في عداد المفقودين في آرفايلر جنوبي كولونيا.
وقد انهارت شبكات الهاتف المحمول في بعض المناطق التي اجتاحتها الفيضانات.
وفي منطقة إرفشتات على مسافة أبعد إلى الشمال قرب كولونيا، بات عدة أشخاص في عداد المفقودين، حسب ما قالت حكومة مقاطعة كولونيا.
وعرقل تسرب للغاز عمال الإنقاذ الذين يحاولون الوصول بالقوارب إلى السكان العالقين.
وغمر الفيضان سدا قريبا من الحدود مع بلجيكا خلال الليل، في حين كانت حالة سد آخر بين آرفايلر وإرفشتات غير مستقرة. وتجاوز منسوب المياه الحد الأقصى في عدة سدود أخرى.
وحصيلة الوفيات هي الأعلى من أي كارثة طبيعية في ألمانيا منذ فيضان بحر الشمال عام 1962 الذي أودى بحياة نحو 340 شخصا.
من جهة أخرى، قال متحدث باسم “فيستنيتز” أكبر شركة لتوزيع الكهرباء في ألمانيا إن الفيضانات الغزيرة أدت لانقطاع التيار عن 114 ألف منزل الجمعة.
وردا على استفسار، قال المتحدث باسم الشركة “جميع الموظفين المتاحين موجودون في الموقع ويعملون تحت ضغط كبير لإعادة الكهرباء”.
حداد في بلجيكا
وفي بلجيكا، لقي 20 شخصا مصرعهم وفقد مثلهم في الفيضانات في البلاد، حسب أرقام مؤقتة قدمتها وزيرة الداخلية أنيليس فيرليندن.
وقال رئيس الوزراء ألكسندر دي كرو، في مؤتمر صحفي، إن هذه الفيضانات “غير مسبوقة”، وأعلن يوم حداد وطني.
وأضاف “ما زلنا ننتظر الحصيلة النهائية، لكن قد تكون هذه الفيضانات الأكثر مأساوية في تاريخ البلاد” معلنا الثلاثاء 20 يوليو/تموز يوم حداد وطني.
وقد سُجّلت أضرار جسيمة على غرار ما حدث في كل من لوكسمبورغ وهولندا.
كارثة وطنية بهولندا
وفي هولندا فر الآلاف من منازلهم في جنوب البلاد اليوم الجمعة بعدما اخترقت المياه الآخذة في الارتفاع أحد السدود واجتاحت عددا من المدن.
وأعلن رئيس الوزراء مارك روته حالة الكارثة الوطنية في إقليم ليمبورغ في الجنوب، والذي يقع بين منطقتين تضررتا بشدة من الفيضانات في غرب ألمانيا وبلجيكا.
واستعدت السلطات لإخلاء مناطق كبيرة من مدينة فينلو، وطلبت من سكان بلدة ميرسين الأصغر مغادرة منازلهم.
ومعظم أراضي هولندا دون مستوى سطح البحر، وتعتمد على شبكة معقدة من السدود القديمة والحواجز الخرسانية الحديثة في الحماية من مياه البحر والأنهار.
تواتر الفيضانات يحتاج إلى تكثيف الجهود الجماعية
إلى ذلك أكدت افتتاحية “التايمز” (The Times) اليوم السبت أهمية اتخاذ إجراء عاجل بشأن تغير المناخ بسبب تسارع وتيرة ارتفاع درجات الحرارة والفيضانات والجفاف في أنحاء العالم.
وأشارت الصحيفة إلى مشاهد للدمار مروعة سببتها عواصف هذا الأسبوع في ألمانيا وبلجيكا وهولندا، مؤكدة وفاة أكثر من 120 شخصا وأن أكثر من ألف ما زالوا في عداد المفقودين، وذكرت أن الأمطار التي تهطل عبر أجزاء من ألمانيا في غضون 3 أشهر نزلت في 48 ساعة فقط.
وفي منطقة واحدة من كولونيا كان معدل سقوط المطر 154 مليمترا خلال 24 ساعة، وكان الرقم القياسي السابق 95 مليمترا. وقد غمرت المياه بلدات بأكملها ولا تزال بعض القرى معزولة ومياه الفيضانات تستمر في الارتفاع.
وألمحت الصحيفة إلى أن لا أحد يستطيع أن يقول على وجه اليقين إن هذه الكارثة كانت بسبب تغير المناخ، على الرغم من أن السياسيين الألمان ليس لديهم أدنى شك، ولكنّ أحدا لم يلق باللوم على تغير المناخ وأنه من صنع الإنسان.
ومع ذلك فقد حذر العلماء على مدار سنوات من أن ارتفاع انبعاثات الكربون من شأنه أن يؤدي إلى الاحترار العالمي وتزايد الطقس المتطرف في شكل موجات من الجفاف والفيضانات وموجات من الحر والعواصف. وأصبحت هذه الأحداث المتطرفة الآن أكثر تواترا بكثير من توقعات العلماء أنفسهم.
وهذا ما ينبغي أن يقلقنا، كما قالت الصحيفة، لأن العواصف في شمال أوروبا جاءت بعد أسبوعين فقط من تسجيل أشد موجة حر شهدها الساحل الغربي للأميركتين، حيث ارتفعت درجات الحرارة إلى 49.6 درجة مئوية، وحدثت السنوات السبع الأكثر سخونة منذ بدء التسجيل منذ عام 2014.
هذه الأحداث المناخية المتطرفة تحذير للحكومات لكي تكثف جهودها للتكيف مع تغير المناخ الذي يحدث بالفعل، بغض النظر عما تفعله للحد من الانبعاثات في المستقبل.
ورأت التايمز أن هذه الأحداث المناخية المتطرفة تحذير للحكومات لكي تكثف جهودها للتكيف مع تغير المناخ الذي يحدث بالفعل، بغض النظر عما تفعله للحد من الانبعاثات في المستقبل.
وذكرت أن التقاعس في ذلك يؤدي إلى مخاطر وأضرار تلحق بالتنوع البيولوجي والموائل والتربة والمحاصيل والماشية بسبب الجفاف والفيضانات، فضلا عن الاضطراب المحتمل لسلاسل التوريد وأنظمة الطاقة والبنية التحتية الأخرى في أرجاء العالم.
وعلقت الصحيفة بأن أي دولة لا تستطيع بمفردها وقف ظاهرة الاحتباس الحراري، إذ يوجد 23 من أكبر 25 مركزا حضريا مسؤولا عن 52% من انبعاثات العالم في الصين التي تواصل بناء محطات طاقة جديدة تعمل بالفحم.
ولذلك فإن الجهد العالمي فقط هو الذي يمكن أن يحدّ من غازات الدفيئة، وهذا هو السبب في أن قمة المناخ الـ26 لهذا العام ستكون مهمة للغاية.
ومع ذلك ترى الصحيفة أن احتمالات النجاح تبدو ضئيلة، فقد وقعت أكثر من 100 دولة نامية هذا الأسبوع على خطاب يطالب الدول الغنية بوضع خطط ذات مصداقية لتحقيق أغراضها المتعلقة بالانبعاثات والوفاء بوعد طويل الأمد بتقديم 100 مليار دولار سنويًا لمساعدة البلدان الفقيرة على تحمل تكلفة التحول. وحتى الآن، ليس هناك ما يشير إلى أن الدول الغنية مستعدة للقيام بأي من ذلك.