لجنة التواصل مع الصناعيين في الخارج.. ضمانة وطنية وحوار يذلل الصعوبات والحصار
دمشق- بشار محي الدين المحمد
لطالما أعلنت وزارة الصناعة في العديد من المناسبات أنها تفتح أبوابها للصناعيين، سواء داخل القطر أم خارجه، للتواصل وتفعيل الحوارات واللقاءات وتشكيل اللجان، في وقت يتمّ عقد العديد من الاجتماعات مع المستثمرين داخل وخارج القطر للوقوف على طلباتهم.
وفي تصريح لـ”البعث”أكد مدير شؤون الإنتاج في وزارة الصناعة محمد حسام الشيخة أن الوزارة تؤمن بالاستثمار، والتشاركية، والتعاون مع القطاع الخاص للنهوض بالقطاع الصناعي في ضوء الإمكانيات المتاحة، وتجاوز إجراءات الحصار المفروضة على القطاع الاقتصادي بشكل عام، والصناعي بشكل خاص، وبناء على التوجيهات الحكومية في الاجتماع الذي عقد في الوزارة بتاريخ 30/5/2021 تمّ تشكيل لجنة تختصّ بالتواصل مع المستثمرين، ورجال الأعمال، والصناعيين الوطنيين الذين غادروا القطر لاستقطابهم وتشجيعهم على العودة، ومتابعة نشاطاتهم وأعمالهم داخل القطر، والعمل على رفع كافة المقترحات اللازمة لإزالة الصعوبات التي تعترض عودتهم للاستثمار في سورية، حيث ترأس اللجنة معاون وزير الصناعة، وبعضوية ممثلين عن اتحاد غرف الصناعة، ومدراء مركزيين من الوزارة.
وأشار الشيخة إلى أنه كانت هناك لجان سابقة للغاية نفسها لكنها لم تكن تضمّ بعضويتها ممثلين عن الجانب الحكومي، أي أنها كانت عبارة عن حوار قطاع خاص مع خاص، في حين هذه اللجنة تحوي ممثلين من الصف الأول والثاني من الوزارة، وبالتالي ستعمل اللجنة على تحقيق التواصل الأمثل مع المستثمرين المغتربين، وتسهيل نقل كافة طلبات المستثمرين المغتربين من خلال ممثلي اتحاد الغرف ورؤساء الغرف، سواء إلى الوزارة أو باقي الفريق الحكومي، أو الجهات العامة ذات العلاقة، كما أكد الشيخة أن هناك الآن طريقة مختلفة للتعاطي مع الموضوع تختلف عن كل ما سبق.
قانون الاستثمار هو الأهم
تيسير دركلت، عضو غرفة صناعة حلب، أكد أن اللجنة خطوة على الطريق الصحيح، وتعزّز شعور الصناعي والمستثمر بوجود رغبة حكومية رسمية في احتضان نشاطاته، ورعايتها داخل القطر، وتقديم الضمانات لذلك على عكس اللجنة التي شكّلت في غرف الصناعة في العام 2018 كونها كانت لجنة مؤلفة من القطاع الخاص فقط، لكن هناك أموراً أهم لعودتهم يأتي في طليعتها قانون الاستثمار رقم 18 للعام 2021 والذي يعدّ الخطوة الأهم على هذا الطريق، ويجب الإسراع بإصدار التعليمات التنفيذية له، وتفعيله بصورة صحيحة، وبشكل يضمن حقوق وأرباح هذا الصناعي الذي يهدف بالنهاية إلى الربح، كما أشار دركلت إلى أن الجذب الاستثماري لا يُبنى على الدعوات وحدها، بل على ما يلمسه المستثمر من مؤشرات المكان الذي سيستثمر فيه، وعندما يشاهد الأرضية المناسبة للاستثمار هو من سيطلب إشراكه في العمليات الاستثمارية لا العكس، والحديث يطول هنا في مجال مطالب الصناعيين وهمومهم داخل القطر قبل دعوة من هم في الخارج.
قدوة لغيرهم
إن تشكيل هذه اللجنة من حيث المبدأ يشكل خطوة مهمة ومباركة، تتماشى مع شعار الأمل بالعمل، ومع الاهتمام الكبير والزيارات التي قام بها السيد الرئيس للوقوف على الواقع الميداني للمنشآت الصناعية، وتشجيع الصناعيين وفق ما أكده لـ”البعث” الصناعي فراس تقي الدين، ولكن من حيث مراحل التطبيق رأى تقي الدين أنه كان من الأفضل التركيز في هذه المرحلة على الصناعيين الذين جاهدوا للبقاء في البلاد رغم ظروف الحرب والحصار إضافة للضغوط الداخلية الكبيرة وخاصة في الأشهر الأخيرة، فالتوجّه لهم والعمل على تأمين جو استثماري مناسب من الأمان والرعاية قبل الجباية، وضخ الحياة في كل شرايين الاقتصاد، كلها عوامل مشجعة للتمسك بنشاطاتهم وصناعاتهم، وتطوير بلدهم، وعدم التفكير نهائياً بالمغادرة، وأن يكونوا قدوة لغيرهم من الصناعيين الذين غادروا القطر لجذبهم للعودة وبشكل تلقائي ودون توجيه أية دعوات لهم، وأكد تقي الدين أن الأمل بذلك سيتحقق قريباً وعبر إيجاد فريق عمل نزيه وجدير لتحقيق الرؤى الاقتصادية.
لجان بلا أرقام
من جهته أكد الخبير الاقتصادي الدكتور أحمد أديب أحمد (كلية الاقتصاد، جامعة تشرين) أن اللجان الوزارية عموماً تعاني من مجموعة من المشكلات التي تؤثر على عملها كالعشوائية في الطرح والاختيار والأهداف، لأنها من جهة لا تعتمد على الكفاءة والاختصاص الدقيق لأعضاء اللجان المنسّقة، بل على المعرفة الشخصية والتزكية، وبتكرار مملّ لتجارب سابقة للجان أخرى فشلت في تحقيق غاياتها، وبقيت مقرراتها حبراً على الورق، ومن الملاحظ أنه لا يتمّ تقييمها وفق مؤشرات معدة مسبقاً، فنادراً ما تتوفر أرقام وإحصاءات دقيقة على مستوى معظم الجهات العامة، وخاصة في المجال الاقتصادي.
وتساءل أحمد بالنسبة لموضوع اللجنة المشكلة في وزارة الصناعة للتحاور مع الصناعيين الذين غادروا القطر للعودة، هل يعلم أعضاؤها وجع الصناعيين في سورية بدقة، خاصة وأن معظمهم مسؤولون في هذه الوزارة وأصحاب قرار فيها؟ وهل استطاعوا فعلاً حماية الصناعة الوطنية، وتوفير متطلبات الصناعيين الموجودين في الداخل حتى يضمنوا متطلبات الصناعيين العائدين للقطر؟ كما أن أمر عودتهم لا يجب حصره بوزارة الصناعة، فمسؤولية عودة الصناعيين تحتاج إلى تضافر جهود كل من وزارات الصناعة، والزراعة، والاقتصاد، والتموين والتجارة الداخلية، والإدارة المحلية والبيئة، والمالية، والكهرباء والنفط، والري، لتقديم ضمانة فعلية لتأمين احتياجات الصناعيين اللازمة لتشغيل مصانعهم سواء كانوا داخل القطر أو خارجه، ويجب أن تتوفر بين أيدي تلك الوزارات أرقام ومؤشرات حقيقية للاقتصاد الوطني، ليكونوا شفافين أثناء محاورة الصناعيين، وليكونوا فاعلين في جذب الصناعيين والخبرات من الخارج، وتحفيز الإنتاج المحلي بشقيه الصناعي والزراعي، والعمل يعني الإنتاج الحقيقي الذي يشكل الدعامة الأساسية للاقتصاد الوطني.