ليبيا ومرتزقة أردوغان
ريا خوري
أكد مؤتمر الحوار الوطني الليبي في تعهداته، التي قطعها على نفسه، على إجراء الانتخابات الليبية في موعدها المقرّر في 24 كانون الأول المقبل ضمن اتفاق خريطة الطريق التي أكدها مؤتمرا برلين1 وبرلين 2، لكن إبقاء نظام أردوغان جنوده ومرتزقته في الساحة الليبية، خدمة لأوهامه، رغم الانتقادات الدولية، هو التحدي الأبرز.
وأمام هذا الواقع، ألقت روسيا ظلالاً من الشك حول مستقبل العملية السياسية في ليبيا، وقدرة الحكومة الانتقالية برئاسة عبد المجيد الدبيبة على الوفاء بتعهدها بإجراء تلك الانتخابات نتيجة تفاقم حدة الصراع، ووجود قوى عسكرية أجنبية وميليشيات وجماعات إرهابية ومرتزقة مدعومين من العديد من الدول الغربية في الأراضي الليبية. ورأى نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي فيرشينين أن استمرار وجود قوات عسكرية أجنبية في ليبيا، يعدّ واحدة من أكثر المشكلات حدة وتعقيداً، ومن دون حلها لا يمكن الحديث عن إيجاد تسوية حقيقية وموثوقة في البلاد، ودعا “لخروج تدريجي ومتزامن لكل القوات والفصائل الأجنبية من ليبيا”.
وبالفعل إذا لم يتمّ النظر بمخاوف روسيا فإن العملية السياسية برمتها ستتعرّض للخطر، وتحديداً من قبل النظام التركي الذي ينشر مرتزقته في الأراضي الليبية، لأنه من دون تحقيق هذا الشرط الضروري والمهم فإن الحكومة الانتقالية سوف تجد نفسها غير قادرة على تحقيق هدفها المتمثل بتشكيل حكومة بموجب الانتخابات المقبلة، إذ لا يمكن إجراء انتخابات في ظل وجود قوات أجنبية ومرتزقة وميليشيات.
في الواقع من مؤشرات الحواجز والعراقيل التي تواجه تحرير ليبيا من القوات الأجنبية والميليشيات والجماعات الإرهابية المسلحة أن النظام التركي أبدى تحفظه على البند الخاص بانسحاب هذه القوات في مؤتمر “برلين 2” وهو ما انعكس على نتائج اجتماع المؤتمر الدستوري الليبي الأخير، الذي أرخى بظلاله على العملية برمتها، وذلك نتيجة ظهور خلافات حادة، بسبب طروحات جماعة “الإخوان المسلمين” المدعومة من نظام أردوغان، والتي تتعارض مع روح خريطة الطريق التي تمّ وضعها لحلّ المشكلة الليبية.
وكانت روسيا قد اقترحت في تشرين الثاني من العام 2019 ومن خلال وزير الخارجية سيرغي لافروف إطلاق آلية لمشاورات مع الولايات المتحدة الأمريكية حول مجموعة كاملة من القضايا الشائكة لتعزيز تسوية ليبية شاملة وإنهاء حالة الصراع، لكن روسيا لم تتلقَ أي ردّ حتى الآن. كذلك دعت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى ضرورة انسحاب القوات الأجنبية والميليشيات المدعومة وجميع القوى الإرهابية المتطرفة من ليبيا، لكن من دون جدوى.