خطاب القسم: شفافية.. واقعية.. موضوعية
يتفق الجميع مع د. سليم بركات على أهمية ما جاء في خطاب السيد الرئيس حول النهوض بالإنتاج ودور الدولة في فتح المنشآت التي لا بد من استثمارها إلى جانب الكثير من القدرات الذاتية المتوفرة لدى الشعب السوري ولا بد من استخدامها، ولم ينسَ السيد الرئيس كما أوضح بركات أن يشير إلى الكثير من المسائل التي عطلت عجلة الحياة إلى حد كبير وأثرت على دخل الفرد ولقمة العيش نتيجة الحصار الاقتصادي الذي فرضه الأعداء إلى جانب الأموال التي جُمّدَت والتهرب من الضرائب، وطالب بمعالجة هذه الحالات من خلال إجراءات إدارية تساهم في محاربة الفساد، مؤكداً السيد الرئيس كذلك على الإنتاج الوطني الذي ينهض بالوطن حيث الشعوب لا تنهض إلا بإمكانياتها الذاتية، مؤكداً أن ذلك لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال الشفافية والعلم في إطار هيكلية مركزية للدولة.. وعلى المستوى الدولي أشار د.بشار الأسد كما بيَّن بركات إلى الحرب النفسية القائمة لمصلحة الأعداء من خلال إمبراطوريات إعلامية تقلب المفاهيم والتي يجب أن نعرف كيف نتعامل معها والتي يحاول ترويجها أعداء الأمة مع الانتباه إلى ضرورة التخلص منها من خلال تفنيدها، ولخص د.بركات كذلك أهم الموضوعات التي تناولها السيد الرئيس وخاصة العوامل القومية التي تجمع العرب والواقع العربي الرديء خاصة فيما يخص القضية الفلسطينية التي هي بمثابة البوصلة، ودور الأصدقاء (روسيا، إيران، الصين) وكل من وقف إلى جانب سورية وقضايا العرب وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، ورأى بركات أن أهم ما خُتم به الخطاب تأكيد السيد الرئيس على ثقته بالشعب وهي ثقة متبادلة بين الشعب والقائد برأيه وهي العنوان الأساس للوطن ومنارة للأجيال القادمة.
مرحلة إستراتيجية جديدة
وأكد د.إبراهيم زعرور أستاذ التاريخ في جامعة دمشق أنه من الصعب الإحاطة الكاملة بما جاء في خطاب القسم، لأنه جاء في مرحلة تاريخيه ومفصلية من تاريخ سورية، وفي خضم حرب وعدوان وإرهاب لم يشهد له التاريخ مثيلاً، فجاء خطاب القسم كما بيَّن د.زعرور ليرسم مرحلة إستراتيجية لمستقبل سورية، فبعد هذه الحرب المدمرة معنوياً ومادياً والتي كانت تتجه حسب المخطط المرسوم للذهاب إلى حرب أهلية وتقسيم وتفتيت سورية على أسس دينية وعرقية وطائفية ومذهبية وسواها، إلا أن انتماء السوريين لوطنهم وتربيتهم الوطنية وثقافة حب الوطن التي نهلها الشعب السوري من المربين والمعلمين والأساتذة، ومن خلال تعزيز ذلك بثقافة الدفاع عن الوطن في وجه الغزاة والطامعين والمستعمرين، تلك الثقافة التي دفعت بالشباب للشهادة للحفاظ على سيادته وحريته وكرامته، مستندين إلى تاريخ وطني للشعب السوري واجه فيه الأجدادُ والآباءُ الاستعمارين العثماني والفرنسي، مؤكداً د.زعرور أن الخطاب اتسم بالشفافية والواقعية والموضوعية تعليلاً وتحليلاً واستنتاجاً واستنباطاً لكل المراحل التي مرت بسورية منذ العام ٢٠١١ حتى اليوم، لذلك كانت الأولوية في الخطاب هي استمرار النهج الوطني الثابت للدولة السورية، ومواجهة الحصار والعقوبات الجائرة المفروضة على الشعب السوري من خلال التوسع في زيادة الإنتاج للثروة الوطنية وتأهيل البنى التحتية وتوفير وسائل الطاقة، وخاصة الكهرباء، والبحث الجدي لتوفير بدائل في الطاقة، وسورية غنية بمصادر الثروة وتحتاج إلى العمل وزيادة الإنتاج واستثمار كل الثروات في الوطن زراعياً وصناعياً وسياحياً، لتعزيز وتقوية الاقتصاد الوطني وتوفير الحياة الأفضل للشعب، وأن يكون هناك تكامل في عمل القطاع العام والخاص بما يخدم المواطنين، وأن يكون المجال متاحاً ليكون الرجل المناسب في المكان المناسب، وتفعيل المؤسسات التشريعية والتنفيذية والقضائية وفقاً لأحكام الدستور، وبهذا كان خطاب القسم كما أوضح د.زعرور شاملاً متكاملاً إستراتيجياً ما بين الداخل والمنطقة والإقليم والوضع الدولي، موضحاً مواقف الأصدقاء الحلفاء والأعداء وكذلك موقف الدولة السورية من الأصدقاء والأعداء بكل شفافية، ولعل لزيارة وزير خارجية الصين في هذا التوقيت بعد الانتخابات وفي يوم القسم الدستوري كل الدلالة على تحولات دولية مهمة سيكون لها آثار إيجابية على سورية والمنطقة والإقليم، وعلى الوضع الدولي، ولا بد من تطبيق شعار “الأمل بالعمل” وتحويله إلى برنامج عمل حقيقي من أجل أن يكون الوطن عزيزاً.
ملامح المرحلة المقبلة
وبيّن الإعلامي محمد عباس عضو المكتب التنفيذي في اتحاد الصحفيين أن رئيس الجمهورية د.بشار الأسد ربط في خطاب القسم بين شعار حملته الانتخابية “الأمل بالعمل” وبين الخطوط العريضة للمرحلة المقبلة التي يجب التركيز فيها على دعم الاقتصاد الوطني وإيلائه الأهمية الكبرى التي من خلالها سنكون قادرين على النهوض من جديد بعد سنوات الحرب القاسية التي استنزفت كل مواردنا، مشيراً عباس إلى أن السيد الرئيس حدد الهدف الأسمى في المرحلة المقبلة وهو استعادة الأرض ومحاربة الوجود الإرهابي والأميركي والتركي وطرده بكافة الوسائل، السلمية منها والمقاومة التي تشرعنها كافة المواثيق والأعراف والقوانين الدولية، مؤكداً سيادته أن من أراد إعادة الإعمار والنهوض بالوطن يمكن أن يقدم مبادرات دون أن ينتظر من الدولة أن تقوم بذلك وهنا يظهر الإنسان الوطني الذي يهمه إعادة البناء والخروج من تبعات الحرب، وفي كل خطابات السيد الرئيس ولا سيما خطاب القسم اليوم نشعر أن كل كلمة من كلماته ذات معنى وهي رسالة تحمل مضامين عدة فلا حشو ولا لغو ولا خطابات رنانة.
أمينة عباس