مجلس الأمن يتهرب من سد النهضة!
تقرير إخباري
أظهرت صور التقطتها الأقمار الصناعية لسد النهضة الأثيوبي وصول منسوب بحيرة السد إلى 568 متراً فوق سطح البحر، وذلك بعد الإعلان عن البدء بالملء الثاني، وسط تحذيرات مصر والسودان من مخاطر الإقدام على ذلك.
أديس أبابا خزّنت أول مليار متر مكعب من المياه في هذه المرحلة، ماضيةً بمشروعها دون الاكتراث بما سينتج عن الاستمرار في تنفيذ قراراتها أحادية الجانب دون التشاور مع دولتي المصب، اللتين سعتا طوال السنوات الماضية لإيجاد صيغة تناسب الدول الثلاث، لكن مفاوضاتهم وصلت لطريق مسدود.
المخاوف في مصر والسودان تتزايد من الآثار السلبية المحتملة للسد فيما يتعلق بانخفاض حصتهما من مياه النيل، اللتين تعتمدان عليها بشكل كلي، في حين قد لا تكفي المياه الجوفية لسد حاجة البلاد، وما سيحدث لاحقاً هو ارتهان الدولتين لما سيفيض عن السد خلال موسم الأمطار في أثيوبيا.
وتفيد تقارير رسمية مصرية بأن الشح المائي، سيؤثر على الأراضي الزراعية، وخاصة المزروعة بالأرز وقصب السكر والموز، وهي المحاصيل الأكثر استهلاكاً لمياه الري، إضافة لدلتا النيل، سلة الغذاء المصري، وبالمقابل لا يمكن الاتكال على معدلات الهطول المطري والتي من الصعب أن تُبنى الخطط الإنقاذية على أساسها.
الخلاف بين الأطراف الثلاثة قائم على طريقة عمل السد، وتحديداً خلال سنوات الجفاف، التي يقلّ فيها هطل الأمطار، وكان وزير الري المصري قد بيّن في تصريح سابق أن الاحتياطيات بالسد العالي بأسوان يمكن أن تساعد في التغلب على آثار الملء الثاني لسد النهضة، إلا أن مبعث القلق الرئيسي يتمثل في إدارة الجفاف.
الملء الثاني للسد يكشف سوء نية أثيوبيا وإصرارها على فرض الأمر الواقع، والحديث الدائر في الأوساط المهتمة بهذا الملف يرجح كفة الحل العسكري لحل الخلاف، ولكن لدولتي المصب رأي آخر، إذ تتجنّب مصر ومعها السودان التوجه إلى هذا الخيار، الذي يمكن أن يؤدي إلى حالة من الفوضى وعدم الاستقرار بالمنطقة كلها وليس فقط الدول المنخرطة في الأزمة. ولكن التهديد الوجودي للسد لا يمكن التغاضي عنه، لذا تحركت القاهرة والخرطوم في سعي دبلوماسي مكثف لحشد موقف دولي داعم لهما، وكانت آخر الخطوات الدعوة لعقد جلسة لمجلس الأمن، لعله يمارس دوره الفعلي في حفظ الأمن والسلم الدوليين، وكما هو متوقع لم يحرك المجلس ساكناً بهذه القضية، بحسب ما كشفت عنه نتائج الجلسة التي عُقدت يوم الخميس 8 تموز الجاري، إذ لم يصدر غير الرفض الأوروبي للإعلان الأثيوبي.
مجلس الأمن يتهرّب من مسؤولياته، والمجتمع الدولي ليس معنياً بما يحصل في تلك المنطقة، خاصة وأن أطرافاً معينة تساند أثيوبيا في قراراتها، فلا يجرؤ أحد على مخالفتها أو الاعتراض على ما تقوم به، ونقصد هنا الكيان “الإسرائيلي”، الذي تؤكد معلومات صادرة عن مراكز أبحاث وجود طابق كامل في مبنى وزارة المياه والكهرباء الأثيوبية يقيم فيه خبراء المياه “الإسرائيليون”، مقدمين الخبرة التفاوضية والفنية للفرق الأثيوبية.
إذن ما يراد من السد ليس تحقيق التنمية لأثيوبيا، والحديث عن حقوقها التاريخية بمياه النيل ليس إلا غطاءً للتستر على النوايا الحقيقية التي تهدف إلى ضرب الاستقرار وزعزعة الأمن في المنطقة، وإشغال الدول بمشكلاتها الخاصة.
رغد خضور