نقص المخازين وتقصير المعنيين يلقيان بظلالهما على موسم الري باللاذقية
اللاذقية – نورا جولاق
جاءت عملية تحديد وتوزيع مياه الري للموسم الحالي الشحيح بمخزونه المائي، قياساً على المواسم الماضية، لمعالجة آثار النقص الحاصل في المخازين وإدارة استثمارها بما يغطي الاحتياجات بالحد المتاح، وقد ألقت مستجدات الموسم ومؤشراته ومخازينه وإجراءاته بظلالها على موسم الري، وعلى مزارعي ريف اللاذقية الذين لم يخفوا هواجسهم من تأثر محاصيلهم بقلة الوارد المائي مثلما كان معتاداً سابقاً.
ففي قرية ستمرخو يعاني الأهالي من عدم كفاية ضخ مياه الري إلى المزروعات هذا الصيف، ما يتهددها باليباس والتلف والإجحاف الواقع، حيث لم يتمكن الأهالي من ري الأشجار المشرفة على الهلاك، موضحين أنه منذ بدء موسم الري والاستثمار تم ضخ المياه مدة سبع ساعات فقط لكلا الريتين، بمعدل ٣ ساعات للأولى، و٤ ساعات للثانية، رغم أن مدة الرية يومان كاملان، ومدة الضخ الممنوحة غير كافية مطلقاً لري المحاصيل، وتم إبلاغ هذه المشكلة لمديرية الموارد المائية (قسم الاستثمار)، وتم التواصل مع المعنيين لعرض المشكلة ومنعكساتها على المحاصيل، إلا أن المعالجة لم تتم، وتمت الإشارة إلى أن هناك مجموعة من الوصلات و”السكورة” والتمديدات معطلة منذ زمن طويل، ورغم ذلك لم تتم صيانتها مطلقاً، لاسيما على محور الخط الثاني من الشبكة.
ولدى الاستيضاح من مدير الموارد المائية في اللاذقية المهندس فراس حيدر أكد أنه لا يمكن تعويض فاقد الري لأن الجميع حصل على الكمية المخصصة في الرية الواحدة، ولأن مدة الدورة ليست ٢٠ يوماً دفعة واحدة ومستمرة طيلة هذه المدة كما يعتقد البعض، بل هي يومان لكل خط من أصل ٢٠ يوماً لكامل الخطوط تباعاً، وأنه لو كان بالإمكان توزيع المياه دفعة واحدة لكانت مدة الدورة ثلاثة أيام فقط، وكانت العملية أسهل وأيسر، مبيّناً أنه من دون الإبلاغ بوضوح عن مكان وموقع الشكوى، وتحديدها بالضبط، لا يمكن تبيان الحالة الفنية، لأن قرية مثل ستمرخو فيها ما بين ٧ إلى ٨ خطوط بفروع كثيرة يتعذر العمل على معالجتها دون تحديد العقار بعينه ليصار إلى المعالجة المطلوبة، ولغاية تاريخه لم تصل شكوى بهذا الخصوص إلى المديرية، علماً أن قرية ستمرخو حصلت على الرية بكاملها على مدى يومين كغيرها من القرى، ولكن لا يمكن أن يحصل كل مزارع على الكمية التي يريدها، والمدة التي يرغبها، لأن هناك توزيعاً محدداً للمياه على كامل مدة الدورة لكامل القرى والخطوط، وهذا ما يجري العمل عليه خلال موسم الري.
من جهته رئيس لجنة توزيع مياه الري في المحافظة، معاون مدير الزراعة، المهندس نواف شحادة، أكد أن هناك مشاكل عديدة تتكرر في محور إرواء هضبة عين البيضا، وأن هذه المشكلة واحدة منها، وبالأساس المشاكل فنية قديمة، ووعد بمعالجة المشكلة فنياً، ولكن بحسب ما علمناه أن تعويض المزارعين فاقد الري جراء الأعطال الفنية ليس متاحاً ولا ممكناً لأن دورة الري الثانية انتهت على مستوى سد ١٦ تشرين، ولا يمكن معاودة الضخ إلا في دورة الري الثالثة، وأن مخازين العام الحالي لا تسمح بالضخ إلا وفق الخطة التي وضعتها المحافظة لتنظيم عملية الري من خلال اللجنة التي جرى تشكيلها على مستوى المحافظة للاستفادة القصوى من المخزون المتاح في السدود.
وبيّن شحادة أن ضخ الري تم إلى المنطقة المذكورة في الشكوى، إلا أنه يمكن أن تكون غير كافية، وكان يمكن تعويضها خلال دورة الري نفسها لو تم إعلام اللجنة بذلك قبل انتهاء مدة دورة الري الثانية.
وفي قرية مشيرفة الجهنية والمزارع التابعة لها في ريف الحفة التي تروى من سد 16 تشرين، وتقدر بمساحة 800 دونم، خصوصاً أشجار الحمضيات، فقد تعرّضت أوراقها للاصفرار جراء ارتفاع درجات الحرارة، وعدم كفاية المياه المخصصة لها، وبيّن المزارعون أن ارتفاع درجات الحرارة يؤدي إلى سرعة تبخر المياه، ويتسبب باحتراق الأوراق الغضة والطرية والثمار بالأشجار، الأمر الذي يتسبب بخسائر كبيرة، موضحين أن أشجار الليمون تتأثر بشكل كبير بارتفاع درجات الحرارة، وربما قد يتسبب بتلف مساحات منها، إذ لا يمكن إنعاشها كغيرها من المحاصيل، كما أن عمليات الري لن تكون ذات جدوى بسبب ارتفاع درجات الحرارة، خاصة أن كميات المياه المتاحة أقل من الحاجة، في الوقت الذي تناقصت فيه كميات المياه من مصادرها، وتوقيت استخدام المياه مازالت تمليه أنماط التهاطل.
وأكد المهندس شحادة أن التخزين الأعظمي للسد وصل إلى 132 مليوناً و475 ألف متر مكعب، وهذا رقم قليل جداً لا يكفي ولا يسد الحاجة قياساً مع الطاقة التخزينية في الأعوام السابقة التي تقدر بنحو 210 ملايين متر مكعب، لهذا لا نستطيع أن نعطي أكثر من ثلاث دورات ري فقط بسبب عدم وجود الوارد المائي، وموجات الجفاف، وانخفاض معدلات الأمطار، وأشار شحادة إلى أنه في ظل هذا النقص الحاد بالطاقة التخزينية فإننا نعمل على إدارة الموارد المائية المتاحة بالشكل الأمثل للحفاظ على المزروعات والأشجار المثمرة، لافتاً إلى أن مديرية الزراعة تعمل بالتنسيق مع اتحاد الفلاحين، ودوائر الزراعة، والروابط الفلاحية في المناطق، والجمعيات الفلاحية بالقرى، وتقوم بتقييم واقع الري والفترة الحرجة للأشجار.