شويغو: الولايات المتحدة تبحث عن موطئ قدم في آسيا الوسطى بعد خسارتها أفغانستان
شيئاً فشيئاً تظهر الأسباب الحقيقية الكامنة وراء الانسحاب السريع للقوات الأمريكية والأطلسية من أفغانستان، حيث سيطرت الجماعات الإرهابية المسلحة على المنافذ الحدودية مع دول الجوار، وتزايدَ خطر حدوث أعمال إرهابية في هذه الدول، وخاصة بعد أن تأكد قيام الولايات المتحدة الأمريكية بنقل عدد كبير من قادة تنظيم “داعش” الإرهابي إلى هذا البلد الذي يعاني أصلاً من حالة عدم الاستقرار منذ فترة طويلة.
وفي هذا الإطار، أكد وزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو أن تصاعد الأعمال الإرهابية في أفغانستان على خلفية الانسحاب المتسرّع للقوات الأجنبية من هذا البلد والتدهور السريع للوضع يتطلب اتخاذ تدابير مناسبة، وقال خلال مباحثاته مع نظيره الطاجيكي شيرعلي ميرزو اليوم: إن “العمل المشترك لتحييد التهديدات القادمة من أراضي أفغانستان المجاورة يأتي في المرتبة الأولى اليوم.. لقد أدّى الانسحاب المتسرع للقوات الأجنبية من هناك إلى تدهور سريع للوضع وزيادة النشاط الإرهابي وتصاعده”.
وكانت روسيا حذّرت من إقدام التنظيمات الإرهابية على تعزيز وجودها في شمال أفغانستان نتيجة انسحاب الولايات المتحدة المتسرّع من هذا البلد.
يذكر أن الإدارة الأمريكية أعلنت أنها ستكمل سحب قواتها من أفغانستان في أيلول المقبل بعد احتلال دام عقدين من الزمن عقب هجمات أيلول عام 2001.
وأكد شويغو أن الولايات المتحدة الأمريكية تحاول كسب موطئ قدم في دول آسيا الوسطى، بعد مغادرتها أفغانستان وخسارتها هناك كل ما يمكن أن تخسره.
وأوضح وزير الدفاع الروسي أن الولايات المتحدة بعد مغادرتها أفغانستان، حيث فقدت كل ما يمكن أن تفقده، تحاول مع ذلك كسب موطئ قدم في منطقة آسيا الوسطى. وأضاف: “لقد أعلنت الولايات المتحدة للجميع على نطاق واسع: نحن نغادر أفغانستان. هذا صحيح بالفعل. ولكن في الوقت نفسه، تجري مفاوضات مع جميع الدول المجاورة لأفغانستان حول إنشاء بعض المراكز اللوجستية، وقواعد لسحب المعدات من أفغانستان. بما في ذلك سحب اللاجئين من أفغانستان، هؤلاء الأشخاص الذين تعاونت معهم الولايات المتحدة لسنوات عديدة هناك”.
وقال شويغو: “وفقا للمنطق السليم: لماذا تخرج إذا وقفت خلف السياج مباشرة،… لتحاول من خلال الشقوق مراقبة ما يحدث هناك؟ من أجل البقاء على الحدود؟، الإجابة هي بالتأكيد واضحة: هذه محاولة لكسب موطئ قدم في منطقة آسيا الوسطى، بعد أن فقدت (أمريكا) كل ما كان يمكن أن تفقده في أفغانستان”.
ولفت وزير الدفاع الروسي إلى أنه من الصعب العثور في هذا الكوكب على مكان جيد جاءت إليه الولايات المتحدة ومكثت فيه لفترة طويلة.
في سياق متصل، أكد شويغو أن القاعدة الروسية رقم 201 ستقدّم مساعدة عسكرية لطاجيكستان إذا تعرّض أمن البلاد للتهديد المحتمل نتيجة الأحداث في أفغانستان المجاورة.
وردّاً على سؤال للصحفيين قال شويغو: “بالطبع نحن لا نتجاهل الأحداث التي تجري على الحدود ومحاولات نقل المسلحين إلى أراضي طاجيكستان”، مضيفاً: “في حالة وجود تهديد لحليفنا العضو في معاهدة الأمن الجماعي بالطبع ستردّ روسيا وستردّ قبل كل شيء القاعدة 201 على أراضي طاجيكستان”.
ولفت شويغو إلى أن الجيش الروسي يسجّل انتقالاً نشطاً لإرهابيي “داعش” إلى أراضي أفغانستان من دول مختلفة، مبيّناً أن التدريبات العسكرية الروسية الطاجيكية الأوزبكية التي ستجري في آسيا الوسطى الأسبوع المقبل تأتي استجابة لتفاقم الوضع في أفغانستان.
وبيّن شويغو أنه من المقرر في أيلول المقبل أيضاً إجراء مناورات عسكرية مشتركة “مهمة السلام 2021” في منطقة أورينبورغ لتدريب ضباط وقيادات أركان القوات المسلحة لدول منظمة شنغهاي للتعاون في مجال مكافحة الإرهاب.
وفي السياق ذاته، أعلنت المنطقة العسكرية المركزية للجيش الروسي اليوم الانتهاء من إعادة تجميع الوحدات الروسية في طاجيكستان في ميدان التدريب بالقرب من الحدود مع أفغانستان. وقالت في بيان: إن “الوحدات الروسية في القاعدة العسكرية 201 في طاجيكستان أكملت إعادة تجميع القوات في ساحة تدريب حرب ميدون لإجراء تدريبات مشتركة تشارك فيها أوزبكستان وطاجيكستان”، مشيرة إلى أن الوحدات المكونة من الدبابات والمدفعية والمدافع المضادة للطائرات وصلت من عاصمة طاجيكستان إلى منطقة التمرين بعد أن قطعت 200 كيلومتر.
ومن المقرر إجراء تدريبات مشتركة لوحدات عسكرية من روسيا وأوزبكستان وطاجيكستان خلال الفترة من الـ5 إلى الـ10 من آب المقبل قرب الحدود الأفغانية التي تشهد توتراً متصاعداً ومعارك شرسة بين الحكومة ومسلحي طالبان.
يأتي ذلك فيما أجرى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، اليوم الأربعاء، اجتماعا تنفيذيا عبر الفيديو مع الأعضاء الدائمين بمجلس الأمن الروسي، حسبما أفاد المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف.
وأشار المتحدث إلى أن الاجتماع جرى بحضور رئيسي غرفتي البرلمان الروسي (مجلس الاتحاد ومجلس النواب)، ونائب رئيس مجلس الأمن، ورئيس إدارة الكرملين، وسكرتير مجلس الأمن ووزير الداخلية، ومدير هيئة الأمن الفيدرالية، ورئيس هيئة الاستخبارات الخارجية، والممثل الخاص للرئيس الروسي.
وبحسب بيسكوف فقد بحث المشاركون في الاجتماع القضايا المتعلقة بالتنمية الاجتماعية والاقتصادية لروسيا، إلى جانب “القضايا الهامة من الأجندة الدولية، بما فيها الوضع في أفغانستان وكذلك على الحدود بين أذربيجان وأرمينيا”.