سلوفينيا ومأزق رئاسة الاتحاد الأوروبي
هيفاء علي
سوف تترأس سلوفينيا خلال الأشهر الستة المقبلة مجلس الاتحاد الأوروبي بقيادة رئيس الوزراء يانيز جانسا، الذي قلد ترامب في طرح شعار “سلوفينيا فوق كل شيء”، وهو محافظ يميني يبلغ من العمر 62 عاماً، ويلقب بـ “المارشال تويتو” بسبب شغفه بالشبكات الاجتماعية.
بدأ يانيز جانسا رئاسة بلاده لمجلس الاتحاد الأوروبي مع تحذير من انهيار الاتحاد الذي يمكن أن يحدث إذا استمرت بعض الدول في فرض قيم أوروبية خيالية على دول أخرى. بدأت حياته السياسية مع انهيار جمهورية يوغوسلافيا الاتحادية، ومع مرور الوقت ، انتقل من اليسار الراديكالي إلى قومي سلوفيني قوي.
من بين الأجهزة السبعة للاتحاد الأوروبي، هناك جهاز واحد فقط، وهو مجلس الاتحاد الأوروبي الذي يتم دمجه أحياناً بمجلس الشيوخ في البرلمان الأوروبي، ويوفر رئاسة جميع الأعضاء بدوره، كما أنه المنصة الوحيدة التي تسمح لسماع دول الاتحاد الأوروبي التي تعارض خطها بما فيها سلوفينيا.
عندما كان يانيز رئيساً للبلاد بين عامي 2004 و2008، لم يواجه صعوبات مع الاتحاد الأوروبي، لكن الأزمة الاقتصادية العالمية التي أعقبت ذلك والهجرة بين 2015 و2016 دفعت بالسياسات المتوافقة مع أوروبا في السابق إلى تبني مواقف قومية، وهذا ما دفع جانسا إلى انتقاد الأفكار التي يعتبرها الاتحاد الأوروبي قيماً لا تقبل المساومة.
لهذا السبب لم يفاجأ أحد بالخلاف بين شركاء المستقبل من المؤتمر الصحفي الأول المشترك بين الزعيم السلوفيني في دوره الجديد ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين. ففي حين شدد يانيز على ضرورة أن يأخذ الاتحاد الأوربي بعين الاعتبار الاختلافات في الثقافات والتقاليد بين أعضائه ويحترمها، لم تقدر رئيسة المفوضية الأوربية هذا الأمر بل ردت بالحديث عن حرية التعبير والتنوع والمساواة، والتي اعتبرتها القيم الأوروبية الأساسية. وقد رأت وسائل الإعلام الأوروبية في هذا التبادل بداية الصراع، خاصة عندما رفض نائبها، فرانس تيمرمانس، التقاط صورة له مع السيد جانسا.
وأمام هذا المعطى لم يكن الوضع سهلاً بالنسبة للسلوفيني خلال خطابه الأول في البرلمان الأوروبي أيضاً، حيث استقبله أعضاء حزب الخضر والليبراليين (أوروبا المتجددة) استقبالا باردا. وفي هذا السياق، قال النائب الهولندي مالك عزماني: “أخشى يا سيد جانسا أن الأحداث في بلدك لا تسمح لنا بالثقة بك، أنتم تطمحون للدخول في الحلقة المفرغة لمن لا يقّدرون حرية الإعلام واستقلال القضاء، دون أن ننسى الفساد والتعسف”.
ويشهد لـ جانسا أنه يعارض بشدة انخراط الملياردير الأمريكي جورج سوروس في السياسة، بل وجادله على وسائل التواصل الاجتماعي: “ابتعد عن أوروبا، من فضلك، أصبحت أموالك القذرة وما يسمى بالمنظمات غير الحكومية أكبر المحرضين على الصراع في القارة من خلال تدمير الثقة بين الناس والديمقراطية، ويكفي خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، أوروبا بحاجة إلى التعافي”.
على الرغم من أهمية أوروبا الشرقية فيما يتعلق بمقترحات معينة من القيادة الأوروبية، فهي تمثل شريكاً صعباً في المفاوضات أكثر من كونها خصماً، لأن سلوفينيا مستفيد مباشر من مساعدات الاتحاد الأوروبي السنوية وهي ليست مستعدة للتخلي عنها. لذلك، حتى لو استمر التصعيد اللفظي بين يانيز جانسا وأوروبا، فلن يتجاوز الزعيم السلوفيني العتبة الحرجة.