د. الجعفري يوقع كتابه “سورية وعصبة الأمم” في الحواش
حمص – البعث
وقّع نائب وزير الخارجية والمغتربين الدكتور بشار الجعفري في جامعة الحواش كتابه “سورية وعصبة الأمم” الذي يقع في٨٦١ صفحة من القطع الكبير والصادر عن دار بستان هشام للنشر، وقد أهداه إلى الشخصيات الوطنية في الثورة السورية ضد الاستعمار الفرنسي والشهيد خالد الأسعد وزنوبيا والمطران كبوجي وأمنا سورية العظيمة.
وبيّن الدكتور الجعفري أن الكتاب يتحدث عن حقبة مهمّة من تاريخ سورية المعاصر بقراءة جديدة لتاريخ مهمّ في حياة السوريين من بداية القرن العشرين، وما ترتّب عن تلك البدايات من تداعيات سياسية تتعلق بماضينا وحاضرنا ومستقبلنا السياسي، منوهاً بأن التاريخ يُقرأ بعدة طرق، وكلما أمعن الباحث في القراءة المجهرية للتاريخ كلما اقترب من مفهوم التاريخ وصولاً إلى التنقيب في طبقاته إلى الطبقة الأبعد التي تكمن بشكل عميق في باطن الأحداث، مؤكداً أن إنجاز الكتاب استغرق ٤ سنوات من البحث المضني ولن يكون الوحيد بل هو جزء من سلسلة ستصدر تباعاً، والكتاب القادم سيحمل عنوان سورية في الأمم المتحدة، وبعده كتاب آخر بعنوان الأزمة السورية في الأمم المتحدة.
وأشار د. الجعفري إلى أن الوفد العربي الوحيد الذي حضر إنشاء عصبة الأمم كان سورية برئاسة الأمير فيصل، ومع ذلك حرمت سورية من المشاركة في تأسيس عصبة الأمم لأن الدول الاستعمارية لم تعتبر سورية من الدول المنتصرة في الحرب العالمية الأولى، مسلطاً الضوء على عدد من النقاط التي يجب الاهتمام بها كحجم الضرر الذي ألحقته القوة الأوروبية الاستعمارية بسورية ودول المشرق العربي، لافتاً إلى أن فوهات المدافع وليست الحقوق هي التي حدّدت موقع الأمم في مؤتمر الصلح في فرساي.
وأضاف: لقد كان التمثيل العربي شبه معدوم في مؤتمر فرساي للسلام، وفي عضوية عصبة الأمم، فشعوب أوروبا الشرقية فازت بمقاعد في المؤتمر من خلال خلقها وقائع على الأرض تدوّي بقعقعة السلاح، في حين لم يكن لدى العرب أي أمل في أعمال حقوقهم، وذلك بسبب اعتمادهم على تحالف خادع مع بريطانيا بشكل رئيسي، ولأن بريطانيا وفرنسا أحبطتا جهود العرب لبناء جيش عربي مستقل ومنعتا حضورهم مؤتمر فرساي في عداد الحلفاء المنتصرين على قواعد المحور.
كما أشار نائب وزير الخارجية والمغتربين إلى صعوبة الحصول على أرشيف عصبة الأمم لأنه موجود فقط في جنيف ولا يمكن لأحد فتحه رغم أن عمر هذا الأرشيف أكثر من ١٠٠ عام، وأنه في حال وجد أرشيف فضائحي للدول العظمى “ويوجد الكثير” فإنه يتمّ دفن هذا الأرشيف بقرار من الدول العظمى ذاتها. وأوضح الجعفري أن سبب كل هذا الحقد على سورية لأنها محور الوطن العربي النابض ولأهمية موقعها الجغرافي الجيوسياسي الذي يحدّد مستقبل الشرق الأوسط والعالم، وأشار إلى أن الكتاب يتضمن قراءة معمّقة للاقتراب من حقيقة الأحداث التاريخية والتنقيب في ثنايا الأحداث، ولا يمكن لأي محلّل أن يفهم ما حصل دون الرجوع إلى ما حدث في عشرينيات القرن الماضي، لافتاً إلى حاجة بلادنا لقراءة تاريخنا بشكل أدق. وذكر الجعفري أن دولاً عربية غير سورية قد امتدت لها يد الخراب تاركة في جسدها جروحاً غائرة وندوباً شوّهت حاضرها، لكن ما مرّ على سورية لا يشبه ما مرّ على أي دولة أخرى من غدر وخيانة وحشود ومرتزقة وضخ إعلامي مضلل، ما يجعلها حالة مميزة وخاصة تستحق الدراسة وإعادة قراءة الأحداث، متناولاً شرحاً مفصلاً عن عشرية التآمر البريطاني- الفرنسي على سورية عشية الحرب العالمية الأولى في العام 1914 وحتى منح مؤتمر سان ريمو في العام 1920 الانتداب على كلّ من سورية ولبنان.
واعتبر د. الجعفري أن كتابه “سورية وعصبة الأمم” هو إضاءة جديدة لفترة خطيرة وصعبة من تاريخ سورية الحديث، فترة النصف الأول من القرن العشرين والتي شهدت أحداثاً جساماً، وهو ليس مراجعة تاريخية، بل هو قراءة نقدية جديدة لمحطات بالغة الأهمية في تاريخ سورية السياسي، وهي ذات صلة مباشرة بأوجاع سورية الحاضرة، منوهاً بأنه من أجل سورية وإنسانها وتاريخها ومستقبلها كان هذا البحث كما ستكون الأبحاث القادمة.
وخلال تصريح للصحفيين أشار د. بشار الجعفري إلى أن الكتاب ليس مراجعة تاريخية وإنما دعوة لكل المهتمين بالشأن وبالتاريخ السوري الوطني لإعادة قراءة التاريخ وإعادة كتابته، وهو شيء بمنتهى الأهمية وخاصة المئة سنة الأخيرة لأنها شهدت تجربتين مميزتين هما إنشاء عصبة الأمم ومنظمة الأمم المتحدة، وكلتا التجربتين جزءٌ من تاريخ سورية، وما نعيشه اليوم من تاريخ وجغرافية سياسية هو نتيجة وثمرة للتلاعب السياسي الحاصل في تلك الفترة.