دال ونقطة
يطمح كلّ إنسان فينا كي ينال لقباً معيناً ويفرح كثيراً بهذا اللقب، فعندما يسبق الحرف الاسم فليس الحرف بحدّ ذاته هو المهمّ بقدر دلالته وما يلخصه من دراسة وتعب حتى وصل صاحبه لهذا اليوم الذي يكتب قبل اسمه هذا الحرف.
فعندما نكتب أ. فهذا يعني أستاذ، وعندما نكتب م. فهذا يعني مهندس، وعندما نكتب د. فهذا يعني دكتور، وهنا بيت القصيد فهذا الحرف يمكن أن يكون اختصاراً لمهنة الطبيب أو لأستاذ جامعي، فالقصة ليست حرفاً وإنما قيمة واحتراماً لعدد من السنين قضاها صاحب اللقب ساهراً كي يحصل على شهادة ومن ثم رمز يسمح له بإضافته إلى اسمه.
ما نعانيه اليوم هو إلصاق هذه الدال والنقطة أمام اسم أي شخص يزداد ظهوره على شاشات التلفزة أو يشارك في صفحات شبكات التواصل الاجتماعي، فهل أصبحت شهادة الدكتوراه سهلة المنال إلى هذه الدرجة؟ وهل بإمكان أي شخص أن ينالها؟.
في الحقيقة إن مرحلة الدكتوراه هي أعلى مرحلة دراسية يمكن أن يصل إليها الدارس والذي يصبح باحثاً في المرحلة التي تسبق مرحلة الدكتوراه وهي مرحلة الماستر أو الماجستير، وبعد نيلها يحتاج الباحث إلى ثلاث سنوات على الأقل وقد تمتد أكثر لتصبح خمس سنوات كي يقوم بالبحث والدراسة، وفي النهاية يدافع الباحث عن أطروحة الدكتوراه أمام لجنة مكوّنة من 4 إلى 5 أساتذة في المجال الأكاديمي نفسه كي يمنح لقب دكتور.
إذاً ليست الدكتوراه سهلة كي ينالها البعض من خلال إطلالة أو إطلالتين على التلفاز أو عبر المشاركة بموضوع أو أكثر على الفيسبوك أو غيره من مواقع التواصل الاجتماعي.
في النهاية تحية لكل إنسان في هذا البلد بغضّ النظر عن مهنته، وعن الرموز التي تسبق اسمه. فهناك الكثير من المهن التي لا رموز لها وترفع القبعة لمزاوليها لما لهذه المهن من أهمية كبيرة، فعمال النظافة والعمال الذين يقومون بتعبيد الطرقات وإجراء الحفريات وعمال الهاتف والكهرباء وغيرهم كثر ليس لديهم رموز تعبّر عنهم، وربما يكونون منسيين في الكثير من التكريمات التي تقام نتيجة أعمال أنهوها وساهمت في حلّ مشكلة أو تجميل منطقة معينة، هؤلاء لهم كل المحبة والمودة على جميل ما يقومون به يومياً إن كان ذلك صيفاً أو شتاءً.
د. منيرة خضر