ليعود ” الأخضر” لاستثماراتنا..؟!
قسيم دحدل
هل لدينا مؤشر للأداء البيئي في سورية؟ وأين نحن من التنافسية الإقليمية والعالمية في هذا المؤشر الاستثماري الهام، المرتبط عضوياً، بما دأبنا على رفعه من شعارات التنمية الشاملة والمستدامة..؟!
لن نُجمِّل الواقع، فقد غاب أو بالأصح غُيِّبَ البعد البيئي عن مشاريعنا خلال الأزمة، نتيجة لأسباب واعتبارات عدة، أهمها الأولوية التي فرضتها ضرورة تأمين متطلبات الإنتاج في ظل الحصار والعقوبات، الأمر الذي أدى لغض الطرف عن الاشتراطات والالتزامات البيئية، علماً أن تلك الاشتراطات تتسق مع تعظيم المكون المحلي في الصناعة الوطنية.
لا شك إن ما يطلق عليه الاستثمار في الاقتصاد الأخضر، أو التحول إلى هذا الاقتصاد، والذي كان له بذوراً قبل الأزمة، لم تنبت حين كان يفترض أن تُثمر، كالعمارة والمجمعات العمرانية الخضراء، يسهم في رفع معدلات النمو وخلق فرص عمل جديدة، وتعزيز بيئة الاقتصاد الكلي، وبالتالي زيادة أوجه الإنفاق على تحسين المستوى المعيشي للمواطنين والارتقاء بالخدمات المقدمة لهم.
وإذا كنا نتفهم الزيادة السرطانية في عمليات البناء العشوائي، نتيجة لخروج مساحات من الجغرافية السورية من تحت سيطرت الدولة، فكيف يمكن أن نفهم ونتفهم تفاقم العمران وتزايد عمليات البناء بشكل مرعب، في المناطق الآمنة التي لم تخرج لحظة من تحت سيطرة الدولة، وهذا أيضاً ينطبق على المشاريع بمختلف أنواعها..؟!
وبعد أن تم تكليف المهندس حسين عرنوس، بتشكيل الوزارة الجديد، نأمل أن يكون من ضمن الفريق الحكومي العتيد شخصية وزارية لوزارة شؤون الاستثمار، تتمتع بـ “ثقافة خضراء”، تؤمن بالعمل الأخضر، ذات مؤهلات وخبرات تمكنها من إصلاح ما يمكن إصلاحه، لجعل الاستثمار الأخضر عنواناً رئيساً وحاضراً على طاولة أول اجتماع للحكومة، على وعسى نستدرك كم ما حدث من خلل كبير في هذا المجال، حيث فاتورة عدم المراعاة لهذا الشأن التنموي الهام، أبلغ عبرة، هذا إن استطعنا إحصاء حجم متوالية خسائرنا فيه.
كذلك نأمل وبالتعاون مع القطاع الخاص أن تبادر الحكومة للعمل على إصدار ما يسمى “سندات التنمية المستدامة” (السندات الخضراء)، لتوفير التمويل المستدام للمشروعات الصديقة للبيئة في مجالات الإسكان والنقل النظيف والطاقة المتجددة والحد من التلوث والتكيف مع تغير المناخ ورفع كفاءة الطاقة، والإدارة المستدامة للمياه والصرف الصحي.
عملٌ ومهمة نعلم أنها غير هينة لكنها غير مستحيلة، نأمل القيام بهما على أكمل وجه، خاصة في ظل اهتمام متزايد بالتوسع في المشروعات التنموية الصديقة للبيئة، وتعميق الشراكة مع القطاع الخاص، و في ظل التوجه العالمي نحو التعافي الأخضر لحماية الموارد الطبيعية للدول، ورفع قدرة نظمها البيئية على تقديم خدماتها، والحد من أيَّة أنشطة اقتصادية تؤثر على نوعية البيئة، وبالتالي صحة المواطنين.
ولأجل ذلك وغيره، يجب التوسع في تمويل المشروعات التنموية الصديقة للبيئة، وتقديم كل التسهيلات التي من شأنها توفير بيئة ملائمة، لجذب شرائح جديدة من المستثمرين الراغبين في الاستثمار الأخضر.