في ذكرى انفجار المرفأ.. مواجهات عنيفة وسط بيروت
بعد مرور عام على انفجار مرفأ بيروت المروّع، يحشد المجتمع الدولي لإنقاذ لبنان من أسوأ انهيار اقتصادي وضع نصف اللبنانيين تحت خط الفقر، فيما اندلعت مواجهات، اليوم الأربعاء، قرب مقر مجلس النواب في وسط بيروت بين القوى الأمنية اللبنانية وعشرات المحتجين على هامش التظاهرات لإحياء الذكرى السنوية الأولى للانفجار.
وفي وقت تجمع فيه آلاف اللبنانيين قرب المرفأ المدمّر، توجّه المئات إلى الشوارع المؤدية إلى مجلس النواب، الذي انتشرت في محيطه تعزيزات أمنية مكثفة.
وبدأت المواجهات بعدما خرجت قوات مكافحة الشغب لدفع المتظاهرين من أمام إحدى بوابات مجلس النواب. وقد استخدمت في عملية إبعادهم خراطيم المياه والقنابل المسيلة للدموع. وفي المقابل، عمدَ متظاهرون إلى رشق عناصر مكافحة الشغب بالحجارة.
وبعد انتشار أنباء عن استخدامها الرصاص المطاطي، نفت قوى الأمن الداخلي، في بيان، “نفياً قاطعاً، ما يتم تداوله عبر بعض وسائل الإعلام، عن استخدامها للرصاص المطاطي أو أي رصاص من نوع آخر لتفريق المتظاهرين”.
ولا تزال عمليات الكر والفر مستمرة بين الطرفين، فيما طلبت قوى الأمن الداخلي من “المتظاهرين السلميين، حفاظاً على سلامتهم، الخروج فوراً من الأماكن التي تحصل فيها الاعتداءات”، في وسط بيروت.
وفي آخر حصيلة رسمية للجرحى، أعلن “الصليب الأحمر اللبناني”، في بيان، أن فرقه نقلت 8 جرحى من وسط بيروت، و3 جرحى من الجميزة، وعالجت 45 مصاباً في مكان إصابتهم.
ويحيي اللبنانيون الأربعاء ذكرى مرور عام على انفجار مرفأ بيروت، الذي أودى بحياة 214 شخصاً على الأقل وإصابة 6500 آخرين، وألحق دماراً ضخماً في المرفأ وأحياء في محيطه، وطالت أضراره معظم المدينة وضواحيها.
مانحو لبنان يستجيبون ويقدمون دعماً مالياً جديداً لبيروت
إلى ذلك، أكد مكتب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون استجابة المشاركين في مؤتمر مانحي لبنان لنداء إنساني آخر وجهته الأمم المتحدة، لرفد لبنان بالمساعدات، وأضاف: أن المشاركين سيقدمون 357 مليون دولار خلال 12 شهراً مقبلة، مشيراً إلى أن المانحين تعهّدوا بدعم مالي بقيمة إجمالية قدرها 370 مليون دولار.
وكان ماكرون أعلن في مستهل المؤتمر أن فرنسا ستقدّم “التزامات جديدة لدعم مباشر للشعب اللبناني” بقيمة مئة مليون يورو، مع إرسال نصف مليون جرعة من لقاحات كوفيد اعتباراً من الشهر الحالي، بينما تعهّدت ألمانيا بتقديم مزيد من المساعدات، وأعلن الرئيس الأميركي جو بايدن تقديم “حوالى مئة مليون دولار من المساعدة الإنسانية الجديدة” للبنان، داعيً المسؤولين السياسيين اللبنانيين إلى “إصلاح الاقتصاد ومكافحة الفساد”.
ويهدف المؤتمر الدولي إلى تأمين أكثر من 350 مليون دولار للاستجابة لحاجات السكان.
وأكد الرئيس الفرنسي أن الأولوية بالنسبة للبنان ما زالت تشكيل حكومة قادرة على تنفيذ إصلاحات، داعياً السلطات اللبنانية إلى ضرورة إعلام الشعب بالحقيقة فيما يتعلق بانفجار بيروت، وأضاف: “لن يكون هناك شيك على بياض للبنان”، وتابع: “أزمة لبنان ليست نتيجة قضاء وقدر بل نتيجة نظام سياسي يعاني خللاً وظيفياً”، مضيفاً: إن “المسؤولين اللبنانيين يراهنون على ما يبدو على اهتراء الوضع”، مع تعطيلهم تشكيل حكومة جديدة منذ أشهر واعتماد إصلاحات، مهدداً مجدداً بفرض عقوبات عليهم.
من جانبها، أكدت وزيرة خارجية هولندا سيغريد كاغ دعم بلادها لمسار العقوبات بحق “الذين يعيقون العمل الديمقراطي ويتصفون بالفساد في لبنان”، ولفتت إلى أن “لبنان يحتاج أكثر من أي وقت مضى إلى حكومة قادرة على اتخاذ الإصلاحات الضرورية ومحاربة الفساد”، وكشفت أن “بلادها قدمت في السنة المنصرمة أكثر من 50 مليون يورو كمساعدة للشعب اللبناني وللنازحين واللاجئين”، معربة عن “استعداد بلادها لتقديم العون في إعادة بناء مرفأ بيروت”.
وقد وضعت شرطاً لهذه المساعدة “بمدى استعداد القادة اللبنانيين للعمل من أجل إخراج بلادهم من هذه الأزمة، وتحمّل مسؤولياتهم في تشكيل حكومة شفافة، وإجراء الإصلاحات اللازمة”.
من جهته، اكتفى وزير خارجية النظام السعودي فيصل بن فرحان بالتذكير بأنّ “الرياض عبّرت دوماً عن كامل تضامنها مع الشعب اللبناني، وقدّمت مساعدات بأكثر من مليار دولار للبنان خلال السنوات الماضية”، فيما أشار وزير الخارجية الإسباني خوسيه مانويل الباريز إلى أن “اللقاء الذي حصل اليوم هو بمثابة رسالة أمل للبنانيين”، داعياً “كل الفرقاء اللبنانيين إلى دعم رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي في الإسراع في تشكيل الحكومة، من خلال روحية التسوية، لأنه فور الإعلان عن الحكومة سيزيد المجتمع الدولي التزاماته ويعزّز محادثاته مع صندوق النقد الدولي لتنفيذ برنامج إصلاحات يجعل الاقتصاد مستقراً”.
وفي نفس الوقت، ناشد وزير الخارجية الألماني الأطراف السياسية الفاعلة في لبنان تحمّل مسؤوليتهم بعد هذه الكارثة (انفجار بيروت)، وقال: “نقص الإصلاحات يعد أيضاً السبب وراء عدم التئام كثير من جروح الماضي. الميناء المدمر لا يزال قائماً كرمز على ذلك”، وأضاف: أن البنك الدولي دق ناقوس الخطر مؤخراً، عندما وصف الوضع في لبنان بأنه أحد أسوأ الأزمات العالمية منذ منتصف القرن التاسع عشر.
بدوره طالب البابا فرنسيس، الأربعاء، خلال أول جلسة استقبال عامة له منذ العملية التي خضع لها مطلع تموز بـ “بمبادرات ملموسة” من أجل لبنان، وقال: “اليوم أناشد المجتمع الدولي أن يساعد لبنان على طريق القيامة من خلال مبادرات ملموسة وليس بالكلام فقط”، مضيفا “آمل أن يكون المؤتمر الذي تنظمه فرنسا والأمم المتحدة مثمراً”.
وعمّقت كارثة الانفجار وتفشي فيروس كورونا قبلها، الانهيار الاقتصادي الذي يشهده لبنان منذ صيف 2019، إذ بات أكثر من نصف اللبنانيين تحت خط الفقر، وفقدت الليرة اللبنانية أكثر من 90 بالمئة من قيمتها أمام الدولار، فيما ارتفعت أسعار مواد أساسية بأكثر من 700 في المئة.