طي تقرير تفتيشي يقترح إحالة رئيس دائرة حماية المستهلك بحلب إلى التحقيق
حلب – معن الغادري
لم يحد تطبيق المرسوم 8 المتعلق بحماية حقوق المستهلك وضمان سلامة الغذاء ومنع الاحتكار، من حالات الغش والمتاجرة بالمواد الأساسية والمدعومة، إذ أجمعت شريحة واسعة من المواطنين وأصحاب المحال التجارية ممن التقيناهم على مدى يومين، على أن ما تضمنه هذا المرسوم من عقوبات صارمة تصل إلى درجة السجن والاغلاق لفترات أطول، بالتوزاي مع تغريم المخالفين بمبالغ كبيرة، لم يحد من حالات الغش والاحتكار والمتاجرة بالمواد الأساسية والمدعومة، بل على العكس أوجد مساحة إضافية للتلاعب بقوت المواطن والابتزاز والمساومة على ما يسمى بالعامية “المعلوم” .
خ . ح موظفة وربة منزل قالت: في الواقع ضعنا بين التاجر والمراقب التمويني، فما يدفعه التاجر كرشاوى يطلع من “جيبنا ورقبتنا”، وكل يوم ترتفع الأسعار ولم يعد لدينا القدرة على شراء الحد الأدنى من احتياجاتنا، والمشكلة في تفشي الفساد المالي والأخلاقي ومحاربته صارت واجب على كل مواطن مهما كان موقعه.
واشتكى عدد كبير من أصحاب محال بيع الجملة والمفرق ومنها محال /السوبر ماركت/ من سطوة دوريات حماية المستهلك، واستخدام صلاحياتهم ومضمون المرسوم 8 لغايات وأهداف شخصية، وبمعنى أدق يقول أحد أصحاب محال تصنيع الحلوى: إن تنفيذ المرسوم 8 رفع قيمة “المعلوم” الذي ندفعه للدوريات أسبوعياً بعد أن كان الأمر شهرياً، ناهيكم عن الاستجرار شبه اليومي من مختلف أنواع الحلويات من قبل عناصر الدورية ومعلميهم، وذات الأمر ينطبق على محال الألبسة والمواد والسلع الغذائية ومحال اللحوم البيضاء والحمراء .
وخلال جولة “البعث” في سوق أدونيس، لفت صاحب محل لبيع الألبسة النسائية والمكياجات والإكسسوارات إلى أنه مل من دفع “المعلوم” وهو يفكر في إغلاق محله لكثرة الدوريات التي تزوره، وشاطره الرأي جاره بائع أحذية نسائية ورجالية، مشيراً إلى أن ما يبيعه ويربحه يدفعه ضرائب وأمبيرات ورشاوى لعناصر البلدية والصحية والتموين وغيرهم.
وفي سوق الجميلية والذي يمتاز عن غيره بتنوع محاله وبضائعه أشار صاحب محل لبيع الأجبان والألبان ومشتقاته أنه يجد نفسه مجبراً بدفع “المعلوم” بين فترة وأخرى لتفادي مخالفته وإن كانت بضاعته سليمة.
وذات الأمر ينطبق على جاره بائع الفروج الذي أكد أنه وبالإضافة إلى دفعه “المعلوم” أسبوعياً وأحياناً كثيرة يومياً، يعطي الفروج بلا مقابل للعناصر التي تزوره ليتجنب زعلهم وغضبهم.
على مستوى الأفران وبالرغم من كثافة الضبوط التموينية المسطرة مؤخراً بسبب نقص الوزن ورداءة صناعة الرغيف، تعمد دوريات حماية المستهلك وفق شهادات كثيرة من المواطنين أن معظم الضبوط تكتب بأسماء أحد عمال الفرن وهو أحد أساليب التحايل على القانون لتجنيب صاحب الفرن عقوبة السجن لقاء مبلغ مناسب ومقبول يتراوح بين مليون وثلاثة ملايين ويضاعف المبلغ في حال تم الاتفاق على غض النظر عن موضوع تهريب الطحين، وهو ما ينسحب على المطاعم خاصة بما يتعلق بسحب العينات وتحليلها والتي تخضع لمساومات مالية كبيرة نسبياً نظراً لحجم المخالفة وغرامتها الكبيرة عدا عن عقوبة السجن .
وتشير بعض الإفادات أن العديد من العينات تم التلاعب بتواريخها لإبتزاز أصحابها، كما يتم التلاعب في السجلات الرسمية للعينات لصالح البائع والمراقب التمويني، وهو ما أكدته نتائج تدقيقات الجهاز المركزي للرقابة المالية للسجلات -التي اطلعت عليها “البعث”- واقتراح إحالة رئيس دائرة حماية المستهلك في مديرية التجارة الداخلية وعدد من العناصر الرقابية إلى التحقيق، إلا أن التقرير التفتيشي تم طيه مثله مثل عشرات التقارير التفتيشية، علماً أنه يتم التدقيق حالياً بعدد كبير من الملفات المتعلقة بقطاع التموين ولاسيما لجهة آلية عمل معتمدي الخبز في الأحياء والمناطق.
وبما يخص تهريب مادة البنزين وبيعها في السوق السوداء، تؤكد المعلومات أن هناك مجموعة مشتركة تقوم بهذه العملية في عدد من محطات الوقود وبرعاية حماية المستهلك، ويباع لتر البنزين الواحد في السوق السوداء بأكثر من 4 آلاف ليرة .
مما عرضناه آنفاً وهو جزء بسيط من حقيقة المشهد اليومي المتأزم في حلب نجد أن المواطن هو الخاسر الأكبر والتاجر وحماية المستهلك هما الرابحان من المرسوم 8، وما أشرنا اليه قد لا يحتاج الى توثيق خاصة أنه فعلُ واقع على الأرض وممارسة يومية من قبل مجموعات امتهنت واحترفت استغلال الظروف المعيشية والأزمات لجمع ثروات طائلة على حساب قوت وحاجة المواطن .
والمطلوب لتصحيح هذه الصورة أو نفيها، والتدقيق والتحقيق والبحث جدياً في ملفات الذين امتلات جيوبهم وخزائنهم بالمال الوفير فجأة .