“فزاعة الانقلاب” آخر إبداعات أردوغان للتستر على أزماته الداخلية
لم يعد خافياً على أحد في تركيا، ولا حتى في جوارها أو محيطها الدولي، أن نظام أردوغان يلجأ مع كل أزمة إلى تسويق نظرية المؤامرة و”فزاعة الانقلاب” وغيرها من هذه الحجج لتبرير حملة القمع أو لتصعيدها. فلا يزال رئيس النظام التركي رجب طيب اردوغان وأتباعه يرجوّن لتلك النظرية لتبرير فشلهم في مختلف الملفات، خاصة الاقتصادية منها، وللتستر على عدد من الأزمات آخرها أزمة حرائق الغابات، والتي تحوّلت هي نفسها إلى مسار آخر وفضاء يحسن أردوغان وحزبه اللعب فيه للتنصّل من المسؤولية عن التأخّر في مواجهة تلك الكارثة، لتكتسب طابعاً سياسياً بامتياز عنوانه “مخاوف من التحضير للانقلاب”.
وفي النفس الوقت فإن تصدير الأزمة للخصوم فرصة للنظام للافلات من الضغوط الشعبية في ظرف يعتبر حساساً بالنسبة للحزب الحاكم، حيث سيخوض الاستحقاق الانتخابي للعام 2023 برصيد من النكسات السياسية والاقتصادية، بينما يكابد في نفس الوقت لترميم التصدعات داخله بعد موجة انشقاقات.
ودائماً ما يروج أردوغان وأزلامه في تركيا لـ “الانقلاب الفاشل” لترهيب الشعب التركي من جهة، ولتبرير جملة الإخفاقات التي عصفت بالبلاد خلال السنوات الأخيرة. وفي هذا الصدد زعم مستشار رئيس حزب “العدالة والتنمية” الحاكم في تركيا، ياسين أقطاي، السبت، إن الانقلابات سرقة وانتهاك لكل المعايير والقيم والدساتير وبأن “الانقلاب طريقة غير شرعية للوصول للحكم وسبب المشاكل، والحل الحقيقي يأتي بالطرق البرلمانية والسياسية”.
وتحدث ياسين أقطاي عن الشرعية والدستور والحريات والديمقراطية ودور الانقلاب الفاشل في محاولة انتهاك هذه المكاسب، رغم أن التطوّرات التي حصلت بعد 2016 تشير إلى أن أردوغان نفسه انقلب على مجموعة هذه القيم، وانقلب على الدستور.
ويتجاهل اقطاي وغيره من متزعمي حزب العدالة والتنمية التركي سعي أردوغان للتضييق على الصحافة وحبس الصحفيين، وتهديد اتفاقية معنية بحقوق الإنسان وحقوق المرأة على خلفية التنكر لاتفاقية اسطنبول والتي أثارت انتقادات محلية وخارجية عديدة. كما أنه يتجاهل كذلك رغبة أردوغان في حظر حزب الشعوب الديمقراطي، وهو ما يهدد التعددية السياسية في البلاد إضافة الى التضييق على أحزاب معارضة على غرار حزب الشعب الجمهوري.
ويرى مراقبون أن النظام التركي يعود دائماً للترويج لنظرية الانقلاب الفاشل كلما تصاعد التذمر الشعبي، خاصة بسبب التراجع الاقتصادي، مع انهيار قيمة الليرة، وارتفاع التضخم، إضافة إلى الظواهر الاجتماعية كالفقر والبطالة. ويستشعر هذا النظام حالة الغضب الشعبي المتزايد، خاصة مع الأزمة الأخيرة التي سببتها حرائق الغابات في البلاد، حيث تضرّرت قطاعات كبيرة منها، خاصة الفلاحون والمزارعون الذين تعرضت أراضيهم للحرق، ويضيفون: إن نظرية المؤامرة و”فزاعة الانقلاب” لم يعد قادراً على إقناع الأتراك الغاضبين من الأوضاع التي وصلت إليها بلادهم والتراجع الاقتصادي الكبير.
وتشير كل التقارير بأن شعبية اردوغان وحزبه العدالة والتنمية في تراجع منذ الانقلاب الفاشل، وظهر ذلك في استطلاعات الرأي المختلفة، وفي الاستحقاقات الانتخابية التي فشل فيها.