الجزائر تقود المبادرة
علي اليوسف
أثلجت الدبلوماسية الجزائرية الصدور وهي تقود حملة أفريقية لرفض انضمام الكيان الصهيوني إلى الاتحاد الأفريقي بصفة عضو مراقب. هذه الدبلوماسية أعادت للأذهان أنه مهما حاول الكيان الصهيوني التغلغل في الجسد العربي، إلا أنه لن يحمل أية صفة، أو يكون قادراً على إضفاء الشرعية على ممارساته وسلوكياته ووجوده.
منذ ستينيات القرن الماضي، لم تغب القارة السمراء عن الأحلام التوراتية والمخططات الصهيونية. وعلى مدار تلك السنوات، بذل الكيان الصهيوني كلّ ما في وسعه لاختراق الدول الأفريقية، وبالفعل قبل أيام أعلن هذا الكيان انضمامه إلى الاتحاد الأفريقي عضواً مراقباً.
كان هذا الكيان الدخيل يعتقد أن سلوكه هذا سيمرّ مرور الكرام تحت مسمّى “التطبيع”، لكن ردة الفعل القوية التي قادتها الجزائر أم المليون شهيد وحاملة راية مناهضة التطبيع مع المحتل الصهيوني إلى جانب 6 دول أفريقية، رسمت ملامح الرفض العربي لهذا الاختراق في المنظمات الأفريقية، بل معارضتها وبقوة لقرار رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، موسى فقي، بمنح صفة مراقب للكيان.
من الواضح أن الخطوة التي أقدم عليها رئيس المفوضية مسألة سياسية حساسة، خاصةً وأن مفوضية الاتحاد الأفريقي ومنذ زمن طويل أقرّت بالإجماع مقررات واضحة تعبّر عن موقف ثابت داعم للقضية الفلسطينية، ورافض لممارسات الكيان الصهيوني بحق الشعب الفلسطيني، وهي ممارسات تتعارض مع المصلحة العليا للاتحاد وقيمه ومثله ومقرراته. لذلك جاء الرفض العربي الذي تقوده الجزائر مشفوعاً بأن رئيس مفوضية الاتحاد لم ينظر في طلب الاحتلال الإسرائيلي على نحو ما سار عليه سابقوه، وفقاً للمبادئ والأهداف الواردة في القانون التأسيسي للاتحاد الأفريقي، والمقررات الصادرة عن أجهزة الاتحاد المختلفة، وكذلك المصلحة العليا للاتحاد وآراء وانشغالات الدول الأعضاء ومعايير منح صفة مراقب، وهو ما شكل تجاوزاً إجرائياً وسياسياً غير مقبول من جانب رئيس المفوضية لسلطته التقديرية.
ورغم ذلك فإن قرار رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي الذي اتُخذ دون مشاورات مع جميع الدول الأعضاء، لن يؤثر على الدعم الثابت للمنظمة القارية تجاه القضية الفلسطينية، وبالتالي فإن هذا القرار لن يضفي الشرعية على ممارسات وسلوكيات المراقب الدخيل، لأنه منذ زمن طويل ومقررات الاتحاد الأفريقي واضحة تعبّر عن موقفه الثابت الداعم للقضية الفلسطينية.
صحيح أن الكيان الإسرائيلي تمكّن من تحقيق اختراق دبلوماسي في فضاء القارة الأفريقية، وذلك عبر توقيع اتفاقيات تطبيع مع بعضها، إلا أنه لا يزال يواجه رفضاً من عدة دول تعتبر دولاً مؤثرة في صلب الاتحاد، يغذيه رفض شعبي وموقف رسمي يناهض وجوده في هذا الفضاء. وما مشاهد رفض اللاعبين الرياضيين عن القارة السمراء في أولمبياد طوكيو التنافس مع لاعبين من الكيان الصهيوني إلا دافع إضافي ومحفز لإثارة قضية ضرورة طرد هذا الكيان من الاتحاد الأفريقي، والتراجع عن خطوة قبوله بصفة عضو مراقب في الاتحاد.