المناظر الطبيعية تحوّلت إلى أتون.. حرائق الغابات تقض مضاجع اليونان
يواصل رجال الإطفاء والسكان جهودهم في إخماد حرائق غابات هائلة في ثاني أكبر جزيرة في اليونان لليوم السابع على التوالي، حيث دمّرت النيران مساحات شاسعة من الغابات البكر والمنازل.
وأدى الدخان والرماد الناتج عن حريق إيفيا- وهي جزيرة وعرة من الغابات والخلجان التي تلامس البر الرئيسي اليوناني تقريباً- إلى حجب أشعة الشمس، وإلى تحوّل لون السماء إلى اللون البرتقالي، مع اشتعال النيران في الجزء الشمالي من الجزيرة.
وتعد حرائق إيفيا هي الأشد من بين العشرات التي اندلعت في أنحاء اليونان الأسبوع الماضي، بعد أن عانت البلاد من أسوأ موجة حر منذ ثلاثة عقود ارتفعت درجات الحرارة خلالها إلى 45 درجة مئوية (113 فهرنهايت) لعدة أيام.
وأدت الحرارة، التي جاءت وسط صيف حار بشكل خاص، إلى تحويل غابات اليونان، بما في ذلك مساحات كبيرة من أشجار الصنوبر القابلة للاشتعال بسهولة، إلى علب إشعال نيران جافة جداً.
وتسببت حرائق كبيرة أخرى في اشتعال الغابات والأراضي الزراعية في منطقة البيلوبونيز بجنوب اليونان، في حين ضعفت حرائق هائلة طالت منازل وشركات وغابات على الأطراف الشمالية لأثينا. كما أدت حرائق الغابات إلى استنفاد قدرات مكافحة الحرائق في اليونان، وناشدت الحكومة الحصول على المساعدة من الخارج.
يأتي ذلك فيما أطلقت لجنة المناخ التابعة للأمم المتحدة تحذيراً شديد اللهجة، مشيرة إلى أن “العالم قريب بشكل خطير من ارتفاع درجات الحرارة الجامح، وأن اللوم يقع على عاتق البشر بشكل لا لبس فيه”.
وحذّر العلماء في تقرير صادر عن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC)، من أن “مستويات غازات الاحتباس الحراري في الغلاف الجوي مرتفعة، بما يكفي لضمان اضطراب المناخ لعقود، إن لم يكن لقرون”.
هذا بالإضافة إلى “موجات الحرارة المميتة والأعاصير القوية والظروف الجوية المتطرفة الأخرى التي تحدث الآن، ومن المرجح أن تصبح أكثر حدة”.
ووصف الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، التقرير بأنه “رمز أحمر للبشرية”، داعيا ًإلى “وضع حد فوري لطاقة الفحم وأنواع الوقود الأحفوري الأخرى عالية التلوث”. وقال في بيان: “أجراس الإنذار تصم الآذان.. يجب أن يكون هذا التقرير بمثابة ناقوس الموت للفحم والوقود الأحفوري، قبل أن يدمّروا كوكبنا”.
ويأتي تقرير الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ قبل ثلاثة أشهر فقط من مؤتمر كبير للأمم المتحدة بشأن المناخ سيعقد في غلاسكو باسكتلندا، حيث ستكون الدول تحت ضغط للتعهد باتخاذ إجراءات مناخية طموحة وتمويل كبير.
وأفاد التقرير بأنه “ما لم يتم اتخاذ إجراءات فورية وسريعة وواسعة النطاق لتقليل الانبعاثات، فمن المحتمل أن يتجاوز متوسط درجة الحرارة العالمية عتبة الاحترار البالغة 1.5 درجة مئوية خلال العشرين عاماً القادمة”، وأشار إلى أن الانبعاثات “التي تسببها الأنشطة البشرية بشكل لا لبس فيه، دفعت متوسط درجة الحرارة العالمية اليوم إلى 1.1 درجة مئوية أعلى من متوسط ما قبل الصناعة، وكانت ستدفعها بمقدار 0.5 درجة مئوية أكثر، لولا تأثير تلطيف التلوث في الغلاف الجوي”.
وبحسب “رويترز”، يحذر العلماء من أن “ارتفاع درجة حرارة أكثر من 1.5 درجة مئوية فوق متوسط ما قبل العصر الصناعي يمكن أن يؤدي إلى تغير مناخي جامح مع تأثيرات كارثية، مثل الحرارة الشديدة لدرجة أن المحاصيل تدمر، أو يموت الناس لمجرد وجودهم في الهواء الطلق”. وأوضحت أن “كل 0.5 درجة مئوية إضافية من الاحترار ستزيد أيضاً من شدة وتواتر درجات الحرارة الشديدة والأمطار الغزيرة، فضلاً عن الجفاف في بعض المناطق، نظراً لأن درجات الحرارة تتقلب من سنة إلى أخرى، إذ أن العلماء يقيسون الاحترار المناخي من حيث متوسطات 20 عاماً”.