لبنان على أبواب أزمة جديدة.. الغاز يكفي لـ10 أيام فقط
أدى شجاران حول تعبئة بنزين وبيعه في محطتي وقود في مدينتين شمال لبنان إلى مقتل 3 أشخاص، في حادثين نادرين، بسبب أزمة الوقود التي يشهدها لبنان منذ أشهر قليلة جراء الانهيار المالي والاقتصادي الذي يعيشه البلد منذ سنتين، فيما أعلن نقيب موزعي المحروقات في لبنان، فادي أبو شقرا، اليوم الإثنين، أن مادة الغاز الموجود في البلد تكفي لمدة 10 أيام فقط، وقال: “أجرينا عدة اتصالات صباحا مع رئيس تجمع الشركات، جورج فياض، الذي أكد أن هناك صعوبة بالموافقات المسبقة الصادرة عن مصرف لبنان، والدولة تعلم بذلك”، مطالباً بالاهتمام بهذا الموضوع “لأن هناك صعوبة كبيرة بسبب غياب هذه المادة، في وقت أن السوق بحاجة لـ 17 مليون ليتر يومياً للاستهلاك”.
وتوجه نقيب موزعي المحروقات إلى المسؤولين اللبنانيين قائلاً: “الشعب بحاجة إليكم في هذا الوضع الصعب، فماذا تنتظرون؟ الاتصالات تأتينا من كل المناطق اللبنانية على حساب 100 ليتر مازوت، والمسؤولون غير واعين لما يحدث”.
هذا ويعاني لبنان من شح في الوقود الضروري لتشغيل محطات إنتاج الكهرباء، وفي المازوت المستخدم لتشغيل المولدات الخاصة، مع نضوب احتياطي الدولار لدى مصرف لبنان وتأخره في فتح اعتمادات للاستيراد.
وتراجعت تدريجياً خلال الأشهر الماضية قدرة مؤسسة كهرباء لبنان على توفير التيار الكهربائي، ما أدى إلى رفع ساعات التقنين لتتجاوز 22 ساعة يومياً في بعض المناطق. ولم تعد المولدات الخاصة، على وقع شح الوقود، قادرة على تأمين المازوت اللازم لتغطية ساعات انقطاع الكهرباء، ما اضطرها بدورها إلى التقنين.
وفي وقت سابق، أشارت الوكالة الوطنية للإعلام اللبناني إلى مقتل المواطن م.ع وجرح آخر ب.ع، في إشكال وقع أمام محطة للمحروقات في بلدة بخعون، تطوّر إلى تضارب بالأيدي والسكاكين وإطلاق نار من سلاح حربي، بسبب خلاف على تعبئة الوقود، لافتة إلى أن “القتيل نقل الى مركز العائلة الطبي في زغرتا، لكنه ما لبث أن فارق الحياة متأثراً بجروحه”. وكشفت أنه “على الفور حضرت عناصر من القوى الأمنية إلى المكان، وعملت على تطويق الإشكال”، في حين أفيد لاحقا أن مطلق النار سلم نفسه إلى مخابرات الجيش. كما لفتت إلى أنه على أثر الاشكال الأول، حصل إطلاق نار قرب منزل هـ.ع في البلدة، وأدى الى سقوط جريحين، وسرعان ما طوق الجيش المكان ونشر دوريات في المنطقة، بينما جرى نقل الجرحى الثلاثة إلى مستشفيات المنطقة لتلقي العلاج اللازم.
وكانت مصادر قد أفادت اليوم بمقتل شخصين في منطقة التبانة بشمال لبنان، جراء إشكال تطور لإطلاق نار، على خلفية بيع وشراء مادة البنزين في “السوق السوداء”.
وبسبب أزمة اقتصادية حادة مستمرة منذ أواخر 2019، يعاني لبنان من انهيار مالي، أدى إلى صعوبة في توفير النقد الأجنبي المخصص للاستيراد، ما تسبب بشح في الوقود والأدوية والمستلزمات الطبية، وسلع أخرى بينها مواد غذائية ما تسبب أيضا في غلاء الأسعار. وبات أكثر من نصف اللبنانيين تحت خط الفقر، وفقدت الليرة اللبنانية أكثر من 90 بالمئة من قيمتها أمام الدولار، فيما ارتفعت أسعار مواد أساسية بأكثر من 700 في المئة.
ووضع الانهيار الاقتصادي قطاعات حيوية في لبنان على حافة الانهيار على غرار قطاع الصحة الهش أصلاً، وقد حذرت نقابة المستشفيات من “كارثة صحية” جراء الانقطاع المتواصل للتيار الكهربائي وعدم توفر المازوت لتشغيل المولدات، في وقت تشهد البلاد موجة تفش جديدة لفيروس كورونا.
وفي الأشهر الأخيرة ازدادت حدة أزمة الوقود بالبلاد، الأمر الذي يؤدي إلى اصطفاف السيارات لساعات أمام المحطات ويتسبب ذلك بانقطاع الكهرباء عن المنازل لساعات طويلة، إضافة لتأثيرها على عمل المستشفيات والمخابز.
وصعدت أسعار الوقود المباع في السوق اللبنانية، بنسبة وصلت إلى 20.4 بالمئة الشهر الماضي وسط تدهور سعر صرف الليرة.
والشهر الماضي أصيب 12 شخصاً بجروح جراء مواجهات بسكاكين وعصي أثناء تزاحم على تعبئة الوقود في بلدة دير الزهراني جنوبي البلاد.
وتأتي هذه الأزمة في وقت يجري فيه رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي مشاورات لتشكيل حكومة جديدة، لتوقف الانهيار الاقتصادي، ولتخلف حكومة تصريف الأعمال الراهنة التي استقالت بعد 6 أيام من انفجار كارثي هز مرفأ بيروت في الرابع من أغسطس/آب 2020.
بالتوازي، أعلن النائب اللبناني عن “حزب الله”، حسن فضل الله، اليوم الاثنين، عن سعي حزبه المستمر للوصول إلى استيراد لبنان للوقود من إيران، وقال: “لأهلنا الطيبين الذين يطالبون بالإسراع في استيراد البنزين والمازوت من الجمهورية الإسلامية الإيرانية، نؤكد لهم أن السعي مستمر للوصول إلى النتيجة المرجوة”، مؤكدا أن “حزب الله يبذل كل جهد ممكن للتخفيف من معاناة الناس”.
وانتقد النائب فضل الله “إصرار المصرف المركزي (اللبناني) منفرداً على التحكم بقرار تقنين الدعم عن المشتقات النفطية والدواء، وإصرار تجار العتمة من القطاع العام والخاص على الكسب الحرام، من خلال احتكار مادة المازوت لتهريبها أو لبيعها في السوق السوداء، وإبقاء الناس بلا كهرباء، وجميع مراجعاتنا ومتابعاتنا مع الجهات الرسمية المعنية تصطدم بلغة التهرب من المسؤولية وإلقاء اللوم على آخرين، من دون أي أجوبة مقنعة حول سبب وجود كميات كبيرة من المازوت في السوق السوداء، وتسرّب الكميات المرسلة إلى البلديات، خصوصا في الجنوب، لحساب المافيات والمحسوبيات للمتاجرة بها على حساب الشعب الصابر، من دون أن يردعها أي حس إنساني أو ضمير وطني أو وازع ديني”. وتابع: “على الرغم من حالة الاهتراء العام في مؤسسات الدولة، فإن الأجهزة الأمنية والقضائية تتحمل المسؤولية الكاملة في تحديد المتورطين، من موظفين وشركات وأفراد، وملاحقتهم ومحاسبتهم، بمعزل عن هويتهم الطائفية والسياسية، ولا طريق لمكافحة المحتكرين والمهربين إلا من خلال الدولة”.