ثقافةصحيفة البعث

تكريم الراحل عدنان أبو الشامات على مسرح الأوبرا

موشح “هل وفى بالعهد خل” بصوت الفنان عبد النور بلكه استحوذ على إعجاب جمهور الأوبرا بمرافقة الفرقة الوطنية السورية للموسيقى العربية بقيادة المايسترو عدنان فتح الله والكورال وإشراف المايسترو نزيه أسعد، وعرضت الخلفية السينمائية لقطات من مسيرة عدنان أبو الشامات -إخراج نادين الهبل- وذلك في أمسية تكريم الراحل الذي أثرى الموسيقى العربية بمقامات وأوزان مركبة وإيقاعات متنوعة، وخاصة الموشحات إضافة إلى تلحينه الأوبريت والأغنية الوطنية والشعبية، كما لحن لكبار فناني الوطن العربي وأسّس فرقة الأنغام العربية، واهتمّ برقص السماح.

قدمت الفرقة مجموعة موشحات وأغنيات من ألحانه بتوزيع وإعداد أوركسترالي على آلات التخت الشرقي والوتريات والإيقاعيات الشرقية، التي أضافت جمالية كبيرة للألحان، وتقاسم البطولة الغنائية مع عبد النور بلكه الكورال الذي غنى الموشحات بصوت واحد وبتعدّد الأصوات في مواضع، وقد أضفت معاني مفردات العشق والهجر والشوق والتغزل بالمحبوب بعداً آخر للألحان.

فبعد افتتاحية سماعي نهوند توزيع مهدي المهدي غنى الكورال “هاتها يا صاح”، كلمات يوسف طافش، توزيع مهدي المهدي، وسُبق موشح “ذات حسن هيمتني في الهوى” كلمات فوزي المغربي وتوزيع جورج موسى، بصولو الكمان ودور الإيقاعيات.

والأجمل بغناء “إن في جنبي قلباً متعباً، ما تذكرت الصبا إلا الصبا” كلمات حامد حسن وتوزيع مهدي المهدي، بانسيابية ألحانه المحمّلة بالحزن والذكريات والرقة الوترية، وزاد من جمال الكلمات والمعاني تناوب الكورال بين الذكور والإناث. كما غنى الكورال “فاتني بالهجر مغرم” كلمات فوزي المغربي، توزيع مهدي المهدي، ثم “مالك القلب فداه ما ملك” كلمات مصطفى عكرمة، وتوزيع جورج موسى، وتميّز بالليالي.

تغيّر مسار الأمسية باعتلاء عبد النور بلكه تلميذ عدنان أبو الشامات المسرح، فبعد غنائه موشح “هل وفى بالعهد” كلمات نظمي عبد العزيز، توزيع مهدي المهدي بتألق آلات التخت الشرقي “ضاعت لياليه والحب قد رحل”، غنى بمساحة صوتية كبيرة امتزجت مع تنوع الآهات بمرافقة الكورال دور “البعد طال” كلمات أحمد بوبس وتوزيع مهدي المهدي، مظهراً خاصية الدور من حيث التوزيع اللحني للمذهب الذي يعدّ البداية ثم الغصن الذي انفرد بلكه بغنائه “حسنك لطيف، خصرك نحيف، إنت الحبيب، خليك قريب، حبك عجب” ثم الآهات بالحوار الغنائي بينه وبين الكورال فتفاعل معه الجمهور بشكل لافت، ثم تابع تفاصيل الدور بالهنك ومن ثم القفلة.

ومن الأعمال التي لحنها عدنان أبو الشامات تابع الكورال غناء “الورد بخدك والخجل” كلمات حامد حسن، وتوزيع كمال سكيكر، والأغنية الشعبية “يا لالا” ذات الإيقاع الراقص كلمات محمد الزرزوري، وتوزيع جورج موسى، “حبيناها علينا شافت حالها” وعلى وقع تأثير متتالية الصور لربوع سورية والعلم السوري والفواصل الإيقاعية اختُتمت الأمسية بأغنية “ليل الشام” كلمات أحمد قنوع، وتوزيع مهدي المهدي.

قولاً وفعلاً

وعلى هامش الأمسية تحدث المايسترو عدنان فتح الله عن مشروع الفرقة الوطنية السورية للموسيقى العربية بتكريم القامات الفنية بدعم من السيدة وزيرة الثقافة د. لبانة مشوح التي تدعم الحركة الموسيقية ومن دار الأسد، وتابع عن تكريم عدنان أبو الشامات الذي حافظ على قوالب الموسيقى العربية واستمر بكتابة القوالب من سماعي وقصائد وأدوار وموشحات، إضافة إلى الأغنية الوطنية والشعبية التي رقصت عليها فرقة أمية، فحافظ على أصالة الموسيقى العربية قولاً وفعلاً، ولاسيما أنه في مرحلة التسعينيات لم يعد أحد يكتب الألحان للموشح، وأشار إلى عدم التطرق إلى اللحن الأساسي الذي كتبه الراحل، وكان التوزيع والإعداد باللونية الموسيقية الجديدة، كما نوّه بغناء الكورال المؤلف من ستة وعشرين مغنياً ومغنية بأداء الموشحات بصوت واحد ونفس واحد.

الأب الروحي

المطرب عبد النور بلكه أعرب عن سعادته بهذا التكريم وبغنائه على مسرح الأوبرا مع أكبر وأضخم فرقة للموسيقى العربية في سورية بقيادة فتح الله، وتابع عن مشاركته بصولو الموشح “هل وفى بالعهد خلك أم سلا” من مقام العجم، الذي قدّمه في دار الأوبرا في القاهرة في مهرجان ومؤتمر الموسيقى العربية وسجله بالإذاعة باسمه، وتوقف عند دور “بعدك طال” الدور الوحيد الذي لحن في القرن الحادي والعشرين وسجله بصوته بالإذاعة عام 2001، وفي هذه الأمسية قدمه بطريقة مختلفة بعد أن أضاف له الآهات ضمن تركيبته الإيقاعية واللحنية.

الأداء الاحترافي

المايسترو نزيه أسعد تحدث عن صعوبة الأعمال التي تمّ اختيارها من أعمال عدنان أبو الشامات، ولكن رغم صعوبتها فهي جذابة من حيث اللحن والكلمات والتذوق، ويعود تميّز الأمسية إلى تقديم الأعمال مع فرقة نوعية وبتوزيع أوركسترالي. وعن تقنيات أداء الكورال تابع بأنها تبدأ بالهمهمات والآهات وأحرف العلة حتى يتهيأ الصوت لتأدية القالب الصعب من الموسيقى العربية، مع تحفيظ نغمات الموسيقى العربية الدقيقة على مقامات شرقية مثل البيات شوري وحجاز كار والحجاز وغيرها ضمن المسار اللحني الذي وضعه الراحل عدنان أبو الشامات، وتمّت الاستعانة بالنوتات، أما عن تقنية توزيع الصوت فأضاف بأن الموسيقى الشرقية لا تحتمل التوزيع المكثف فتوجد توزيعات لإضفاء حالات جمالية بنهاية جملة موسيقية معينة والأكثر ميلودية الصوت الواحد، والهارموني بالانتقال من مقام إلى مقام آخر، كما أشاد بالطاقات الشابة الكبيرة للكورال وبالفنان عبد النور بلكه الذي قدّم حفلات مهمّة في القاهرة وتونس ودول أخرى، وعلى مسرح الحمراء، ويمتلك ثقافة موسيقية كبيرة بالنغمات والمقامات وله باع بالفرق الموسيقية إضافة إلى الأداء الاحترافي.

ملده شويكاني