اللواقط الشمسية طاقات داعمة وليست الحل.. والتسويق الملفت لتجهيزاتها يثير الريبة!
قال الأجداد: ” قبل الرماية تُملأ الكنائن”، والمعنى أن علينا، قبل أن نباشر العمل بأي شيء، أن نكون مستعدين له ومُحضَّرين التَّحضير الجيد والكامل..
ولعل هذا القول المأثور ينطبق على موضوع انتشر كالنار في الهشيم، وهو التسويق لتركيب اللواقط الشمسية بهدف الخروج من أزمة عنق الزجاجة لكهربائنا، فبحسب التصريحات للمرجعيات المعنية بموضوع التأكد من جودة ومواصفات تلك اللواقط وتواجدها في أسواقنا، وخاصة المركز الوطني لبحوث الطاقة، التابع لوزارة الكهرباء، فإنه وللأسف الشديد لا توجد جهة علمية تمتلك المخابر المختصة لفحص مثل تلك التجهيزات في السوق، ولا حتى يوجد تنسيق بين الجهات المعنية في حال وجود إجازات استيراد لتلك التجهيزات، كالتنسيق مثلاً ما بين المركز ووزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية..!
للأسف نفاجأ..!
وحول ما تقدم وغيره من معلومات في هذا الملف الغريب في عدم تنظيمه وضبطه وسرعة الترويج له، كان رد مدير المركز الوطني لبحوث الطاقة، الدكتور يونس علي، لـ ” البعث”، أن هناك شيئاً من هذا..! علماً أنه أكد في تصريحات صحفية وجود اتفاق بين المركز ووزارة الاقتصاد، بعدم منح إجازة استيراد قبل الإحالة للمركز، والتأكد من مواصفاتها الفنية، ورغم ذلك يفاجأ المركز بوجود تجهيزات طاقات متجددة مطروحة في السوق ليس لها أية قيود لديه..!؟.
كلمة مختصرة!
الدكتور منيف حسون، الأستاذ المحاضر في جامعة تشرين، والمتخصص في الطاقات المتجددة، قال لـ “البعث” إن ما يحدث في مجال الاستخدام الفردي لأنظمة تحويل الطاقة الشمسية عن طريق الألواح أو اللواقط الشمسية (الفوتوفولطائية)، هو عملية تسويق لتركيب تلك اللواقط، وقرار تجاري ارتجالي لم يصدر عن توصية جهات علمية أكاديمية مرموقة موثوقة من داخل القطر، مضيفاً: على حد زعمي، ليس لأكاديمي واحد المقدرة على فعل ذلك، إذ لم يحظَ ما يحدث بموافقة هيئة مواصفات مرموقة أو ISO معروفة؛ وهناك الكثير مما يتوجب عليّ قوله في مضمار استثمار الطاقات المتجددة وخاصة الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، ذلك صونا للأمانة العلمية ولما خبرته خلال عملي الأكاديمي والبحوث والمؤتمرات والورش العلمية العربية والدولية التي شاركت بها، وأشعر أن ذلك من واجبي تجاه الوطن والمواطنين بعد أن طفح كيل الناس مما سمعوه عن الموضوع من غير أصحاب الشأن والاختصاص.
بالدليل..!
من أحد الأمثلة التي تبين حقيقة جدوى اللواقط، وأردنا رأي حسون فيه، أن أحدهم رغب بتركيب طاقة شمسية، واختار أفضل نوع موجود، منظومة 9000 W بسعر 19 مليون ليرة، فاضطر لشراء 3 مكيفات خاصة للطاقة الشمسية بقيمة 6 مليون لتعمل على المنظومة بكفاءة، بالنتيجة وبعد عشرة أيام من التركيب بدأت مشاكل الضعف وعدم الاستقرار في الأداء، وبعد الاتصال مع الوكيل كان الجواب على الشكل التالي: أنت بحاجة لمولدة 12 kva لدعم المنظومة – حتى تستمر بالعمل – بقيمة تتجاوز الـ 15 مليون..!.
حول هذا المثال الواقعي ومدى صحته، قال الدكتور حسون: هذا حقيقي.. كاشفاً، أكثر من ذلك، أنه وبعد نفاد الكمية العظمى من منظومات الطاقة الشمسية الفردية الفاشلة سوف يعمدون إلى الترويج لزيادة عدد بطاريات التخزين وبالتالي طاقتها التخزينية واستطاعة المنظمات والمحولات، حيث يصبح المطلوب تغذيتها بالتيار الكهربائي خلال مدة كافية بغض للنظر عن المصدر، وحينما يعود التقنين إلى ما كان عليه سابقا (ساعتا وصل وأربعة قطع مثلاً)، يكون الشحن الذي تصل إليه البطاريات خلال فترة التغذية الكهربائية من التيار العام كافياً لتشغيل منظومة البيت المقررة (براد، وإنارة، وتلفزيون وحاسب، وراوتر ومراوح) بغض النظر عن ظهور الشمس وعدمه.
وبالتالي فإن ألواح منظومات الطاقة الشمسية الفردية التي يستخدمها السوريون ليست بالأهمية المضخمة، إذ هي عديمة المنفعة باستثناء الأنواع المعتمدة في المنظومات العالمية، وخلال فترات الإشعاع الشمسي الأعظمي بأشهر الصيف؛ وعليه فإن ما يجري بهذا الشأن هو تغرير بالشعب (الجاهل في مجال الطاقة)، الغني منه قبل الفقير، واستهتار بحقوقهم وسرقتهم بحرفية عالية وضرب من ضروب وسائل الإثراء التجاري غي المشروع.
ثلاثة في واحد..؟
بناء على ما سبق، وكيف يمكننا الاستفادة الواقعية من هذه التقنية النظيفة ضمن المتاح والممكن علمياً واقتصادياً، يرى الدكتور حسون ضرورة العمل على التوفير بالقدرة المتاحة للناس، عبر تغيير أنماط الاستهلاك الحالي، وهذه هي الغاية التي تصيب ثلاثة أهداف معاً: أولاً تحقيق جزئي لاستخدام الطاقات المتجددة؛ ثانياً: الاستفادة مما هو متوفر في الأسواق من المعدات والتجهيزات الخاصة بالطاقة الشمسية، وبالتالي خدمة للتجار المعنيين بذلك واستنفاد كل المخازين من هذه التجهيزات لديهم، وإخضاع كل المستوردات اللاحقة إلى رقابة جهات أكاديمية أو علمية موثوقة؛ ثالثاً: تحقيق وفرة في القدرة الكهربائية المتولدة الناتجة عن إنشاء محطة باستطاعة 1000 ميغا واط على الأقل.
وحول كيفية تحقق ذلك، قال: إصدار قرار ملزم باستخدام الطاقة الشمسية في الإنارة عن طريق الخلايا الفوتوفولطائية، لجميع مؤسسات الدولة في مدة أقصاها سنة، وتشمل المدارس العامة والخاصة والجامعات العامة والخاصة وجميع مؤسسات الدولة ذات القطاع غير الإنتاجي والفنادق المصنفة والمطاعم المنعزلة وجميع ما ذكرنا تتوفر في أبنيتهم المسطحات (أسطحة أو مساحات خضراء) اللازمة لتوضع تلك اللواقط.
هذا المشروع العظيم كما هو مقرر يخدم الإنارة وتشغيل بعض الأجهزة مثل الحواسيب والطابعات.. إلخ، خلال فترة النهار، أي أثناء السطوع الشمسي الأعظمي، ما يُمكِّن الفنيين من تعديل زوايا تركيب الألواح لتحقيق أكبر كفاءة لها، كما ويحقق واحدة من أهم خواص استخدام الطاقات المتجددة ( ولو جزئياً) هو الاستثمار الجماعي للطاقة المتجددة.
بصريح العبارة
في ظل كلفة الصيانة المرتفعة والمردود الكهربائي، مقارنة مع كلفة التأسيس والتشغيل والصيانة والقيود المفروضة على استيراد قطع الغيار، بالإضافة إلى النوعية غير المضمونة للمعدات الموردة، حيث يتم توريدها بلا معايير من بلد المنشأ والقيم المذكورة في “الكتالوكات” هي قيم اسمية تختلف اختلافا جذريا عن قيم التوليد الحقيقية، نعتقد أن الطاقات المتجددة لا تزال دون الجدوى المطلوبة، وبالتالي فالرهان على خيارها كحل لأزمة طاقتنا الكهربائية، يُعد أمراً مبالغاً فيه كثيراً، وإن كان لنا عبرة، فنشير للإمارات حيث تم دفع مبالغ طائلة لإنجاز مدينة مصدر التي خطط لها كي تكون مدينة تستخدم الطاقة النظيفة فقط ومع ذلك لم ينجح المشروع حتى الآن، فالطاقة الشمسية حتى في الدول الغنية مادياً لا تزال طاقة رديفة، وحتى الآن غير مجدية اقتصادياً في كل دول العالم حتى تلك التي تعتمد معايير جودة صارمة، وخير مثال الولايات المتحدة التي يوجد فيها صحاري مشمسة أكثر من الوطن العربي.
قسيم دحدل