شعور بالتفوق يخفي قلقاً داخلياً
إعداد: عناية ناصر
“جهود الدول المتحضّرة لردع روسيا والصين بدأت تتزايد“، هذا عنوان رأي كتبه جورج ويل في صحيفة “واشنطن بوست”. المقال أخذ أمثلة تمحورت حول مهمة مدمرة البحرية الملكية البريطانية” إتش إم إس ديفيندر” في البحر الأسود، وأعمال حاملة الطائرات الجديدة “إتش. إم. إس كوين إليزابيث” في بحر الصين الجنوبي، والتدريبات العسكرية المشتركة بين الولايات المتحدة واليابان، لشرح كيف أن الدول المتحضرة تأخذ، قولاً وفعلاً، إجراءات صغيرة ولكنها تراكمية لردع الصين وروسيا.
باستخدام كلمة “متحضّر”، يشير المؤلف بوضوح إلى أن الصين وروسيا هما دولتان “غير متحضرتين”، وهذا هو النزوع الغربي المترافق بشعور قوي بالتفوق الذي يخفي قلقه الداخلي، والدليل أن العنوان أثار انتقادات العديد من مستخدمي الإنترنت الصينيين والأجانب، وجاء في تعليق على “تويتر” يبدو أن “واشنطن بوست” لم تعد تكلف نفسها عناء إخفاء إمبرياليتها بعد الآن، هذه السردية للدول “المتحضّرة” مقابل “غير المتحضّرة” الضمنية هي رواية عنصرية تتمحور حول الغرب!.
تعتبر الولايات المتحدة وبعض الدول الغربية نفسها “متحضّرة” ، لكن أفعالها وحشية، والأمثلة المذكورة في المقال تثبت مدى وحشية هذه البلدان. لقد تدخلت هذه الدول بشكل تعسفي في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، بل وروّجت لقانون الغاب في المجتمع الدولي. كما علق أحد مستخدمي الإنترنت الصينيين على موقع (Weibo): الولايات المتحدة والغرب لديهما مفاهيم خاصة للحرية والديمقراطية، والآن يفعلان الشيء نفسه لكلمة “متحضّر”.
لقد تجاهلت الدول الغربية الحقائق، وهي مهووسة بالتفكير الثنائي للأسود أو الأبيض عندما يتعلق الأمر بالاختلافات بين الشرق والغرب، والحضارة والهمجية، والتقدم والانحطاط، والديمقراطية والاستبداد.
يقول تشانغ تينغ جون، وهو باحث مساعد في معهد الصين للدراسات الدولية، لصحيفة غلوبال تايمز: “تأمل واشنطن تشكيل ما يُسمّى تحالف الحضارات العالمية لمحاربة الصين وروسيا، لكن مثل هذا النهج محكوم بالفشل”. ويقول أندري بيستريتسكي، رئيس مجلس إدارة مؤسسة التنمية ودعم نادي فالداي للحوار في مقابلة أجريت معه مؤخراً مع غلوبال تايمز: “إذا جاز لي القول، فإن الولايات المتحدة وحلفاءها هم من الماضي، يريدون التشبث بامتيازاتهم، أما روسيا والصين فهما المستقبل”.
تعكس المنافسة بين الدول، كمواجهة بين الحضارة والهمجية، قلقاً عميق الجذور داخل العالم الغربي، فالولايات المتحدة والغرب غير قادرين الآن على تحقيق أهدافهما من خلال المنافسة السلمية، لذلك يستخدمون مثل هذه العلامات لتشويه صورة بلدان أخرى، وخاصة الصين وروسيا، لكسب بعض التفوق النفسي.
من هنا، لم تدخر الولايات المتحدة أي جهد للتحريض على العداء الغربي تجاه الصين وروسيا، ومع ذلك، سوف تدرك الولايات المتحدة والمجتمع الغربي تدريجياً أنهما لا يستطيعان إنشاء نظام دولي يهيمنا عليه بالقوة ، مستبعدين الصين وروسيا، وهذه نتيجة حتمية لتطور المجتمع الدولي المتحضّر، وإذا استمرت الولايات المتحدة والغرب باستفزاز الصين وروسيا سيتحوّل ذلك إلى كابوس لواشنطن إذا استمرت في سياساتها العدائية.