لبنان أمام أزمة جديدة.. “والمركزي” يتوقّف عن دعم المحروقات
فقدان مادة المازوت في لبنان لم يعُد محصوراً بقطاع دون آخر. اتسعت الأزمة لتشمل المستشفيات والمصانع والمطاحن وكل ما يمسّ بضروريات السكان. فبعد إعلان أكبر مصنع لصناعة وإنتاج الأمصال في لبنان توقّفه عن العمل بسبب فقدانه مادة المازوت، والحديث عن قرب توقّف بعض المستشفيات عن العمل، أصدر تجمع المطاحن بياناً أعلن فيه توقف عدد من المطاحن قسرياً عن العمل للسبب عينه، وأضاف: “إن المطاحن الأخرى ستتوقف خلال أيام معدودة عن العمل تباعاً وتدريجياً وفقاً لحجم مخزونها من المازوت”.
من جانبه، لفت نقيب أصحاب الأفران والمخابز في لبنان، علي إبراهيم، إلى “ترابط المطاحن والأفران ومعامل النايلون بين بعضها البعض”، موضّحاً أن “توقّف أحدها عن العمل يؤدي إلى توقف الآخر”، كما حذّر من أن “إقفال المطاحن يعني عدم توفّر الطحين لصناعة الخبز العربي، وأن إقفال المعامل يعني فقدان أكياس النايلون لتغليف الخبز”، وشدد على أن “المشكلة الرئيسية هي لامبالاة المسؤولين، رغم إطلاقه الصرخة منذ 5 أيام طالباً تدارك الأزمة”، وقال: “إلا أنه لم يتصل أحد منهم ليسأل أو ليعرض حلاً”.
وأكمل محذّراً: “إن الأزمة الحقيقية ستبدأ في الغد ما لم تحصل معجزة ويتم إمدادنا بالمازوت اليوم، وقد أبلغت كل الأفران التي اتصلت بي أمس لتعلمني عن نفاد المازوت لديها، بأن تطفئ نيرانها وتقفل أبوابها”، مؤكدا أنه “سبق أن سأل المعنيين كيف أن هذه المادة موجودة بوفرة في السوق السوداء ومقطوعة وفقا للسعر الرسمي، وأنه لم يلق جوابا”.
هذا ويعاني لبنان من شح في الوقود الضروري لتشغيل محطات إنتاج الكهرباء، وفي المازوت المستخدم لتشغيل المولدات الخاصة، مع نضوب احتياطي الدولار لدى مصرف لبنان وتأخره في فتح اعتمادات للاستيراد.
وتراجعت تدريجيا خلال الأشهر الماضية قدرة مؤسسة كهرباء لبنان على توفير التيار الكهربائي، ما أدى إلى رفع ساعات التقنين لتتجاوز 22 ساعة يومياً في بعض المناطق. ولم تعد المولدات الخاصة، على وقع شح الوقود، قادرة على تأمين المازوت اللازم لتغطية ساعات انقطاع الكهرباء، ما اضطرها بدورها إلى التقنين.
وفي السياق، صرّح وزير الطّاقة والمياه في حكومة تصريف الأعمال ريمون غجر، اليوم الأربعاء، أنّ “حاكم مصرف لبنان رياض سلامة أبلغ المجلس الأعلى بأنّه لم يعد قادراً على دعم شراء المحروقات”، وقال: إنّه “نحن اليوم في مرحلة الذروة في الحاجة للكهرباء، حاجتنا هي 3000 ميغاواط والقدرة الإنتاجية بحسب الفيول المتوفر لا تتجاوز الـ750 ميغاواط”.
وأشار غجر إلى أنّ “الحل يكون باقتراح قانون في مجلس النواب بطلب صرف اعتمادات لكهرباء لبنان من أجل شراء الفيول لأنها الحل الأوفر على المواطن حتى ولو تم رفع التعرفة عليه”، لافتاً إلى أنّه في حال “توقف الدعم للمحروقات فالسعر يتحرر ويصبح موحداً”.
وعلى ضوء ذلك، عقد المجلس الأعلى للدفاع، اليوم الأربعاء، اجتماعاً ناقش خلاله الأوضاع الأمنية والمعيشية وأزمة الدواء والمحروقات، منها واقع مبنى الإهراءات في مرفأ بيروت، والمواد الكيميائية في منشآت النفط في طرابلس والزهراني، والمنشآت المخصصة لتزويد الطائرات بالوقود في مطار بيروت الدولي.
واتّخذ المجتمعون سلسلة قرارات وتوصيات لمعالجة هذه المسائل، استناداً إلى القوانين المرعية الإجراء، ومنها الطلب إلى قادة الأجهزة العسكرية والأمنية تكثيف الاجتماعات الدورية التنسيقية لمتابعة الأوضاع الأمنية ومعالجتها.
وكانت الحكومة اللبنانية قد رفعت أسعار الوقود في حزيران، بعد أن بدأ البنك المركزي تقديم خطوط ائتمان للوقود بسعر 3900 ليرة للدولار، وهو أعلى من السعر الرسمي البالغ 1500 ليرة لكنه ما زال منخفضاً كثيراً عن سعر السوق الموازية.