حفل تأبين الأديب الراحل الدكتور صلاح الدين يونس
اللاذقية – ياسمين شهيلة
وسطَ حضورٍ كثيفٍ لشخصياتٍ أدبيّةٍ وفكريّةٍ وثقافيّةٍ، أقامَ فرعُ اتحادِ الكتّابِ العربِ باللاذقيةِ حفلَ تأبينٍ للرّاحلِ الأديبِ الدّكتور صلاح الدّين يونس رئيس فرع اتحاد الكتّاب العرب السابق في اللاذقية وفاءً لما قدّمه في مسيرتهِ الأدبيّةِ والفكريّةِ والثقافيّةِ في صالة الجولان بمبنى الاتحاد.
أشاد الأديب الدكتور عيسى درويش بِخصالِ الفقيدِ وعلمهِ وثقافتهِ في قوله: كانِ مُفَكِرَاً نَهْضَوَيّاً عَرَبِيّاً، يَظهرُ ذَلكَ في مُؤلفاتِهِ وَمُحاضراتِهِ، مُؤمناً مُحبّاً لعائلتهِ، وفيّاً للأصدقاء.
ويتابع: عَرَفْتُكَ نِسْراً مُحَلِّقاً فَوقَ الغَمَام/وَكُنْتَ الكريمَ صَديّقاً صدوّقاً وَشهماً هُمام/سَنَبكي عَليكَ وَنَذكرُ فِيكَ كَريمَ الخِصّال
ثم نشر الشّاعر مالك الرّفاعي عبير حروف كلماتِهِ محمّلةً بمشاعرِ الوفاء الحزن للرّاحل في مرثيّه شعريّة، منها قولهُ:
أَبَا صَالحَ سَنديانةَ ظِلِنَا/وَعليه من ظلِّ الإلهِ ظَلِيل/صَبْراً جَمِيلاً فَالحياةُ مَصائِبٌ/وَالصّبرُ فِي وَقْعِ المُصَابِ جَمِيل
وتحدّث الباحِث المفكّر عبد الوهاب زيتون عن حتمية الموت، فالكلّ إلى زوال، مثيراً السّؤال: هل من يرحلون كلّهم سَواسية؟ ليجيب بذكره الرّاحل الذّي لم يرحل بل حفرَ اسمه في ذاكرة الإنسانيّة: فقيدنا الغالي قامةٌ ثقافيّةٌ عالية رفيعةُ المستوى، هو جامعةٌ بحدّ ذاتِهِ، وهو مكتبة، ومَنبرٌ ثقافي وقّاد، ومربٍّ تركَ بصمته في ذاكرةِ الوطنِ، وذاكرةِ الثّقافةِ العربيّةِ، وذاكرةِ طلابهِ في جامعة تشرين.
ووصف الأديب صالح سميا مشهد الرّحيل قائلاً: كانَ الدّكتورُ صلاح ذلكَ البحّارُ الذّي يجدُ متعتَهُ في الإبحارِ ناشِراً شِراع السّفينةِ التّي أبحرَتْ بسقراطَ إلى السّجنِ الذّي اغتيلَتْ فيه الفلسفةُ، وهاهي نداءات عرائِس البحرِ المتربصةِ بعوريس تَستيقظُ من جديد تمزّقُ شِراعَ سفينةِ المرحومِ صلاح فيتدفقُ الموت.. لتنهي الرّحلة قبلَ الموعدِ على شواطِئ أوغاريت فينطفِئُ نجمٌ، وتَرتفعُ شاهدةٌ تقول هُنا يَرقدُ حامِلُ الشّعلةِ إلى جبلِ الأولمبِ لتَزفَ عَرّافةُ دِلفِي آخرَ قَطرةٍ من دموع.
واستهل الدّكتور محمد بصل رئيس فرع اتحاد الكتّاب العرب كلمته التّي ألقاها بالحديث عن يوم جمعه مع الرّاحل: رحلتَ وتفرّدتَ بِذاكرةِ حَرفِكَ الأوّلِ، وكنتَ نجماً ساطعاً في ميادينِ الثّقافةِ والفكرِ.. إنّك يا صلاح صوتٌ جريء مجلجلٌ.. لاشيء يسمو في رأسكَ على سمو سوريةَ المُتراميةِ التّضاريسِ، خزّانُ الفكرِ والمعرفةِ والخصوبةِ في الشّرق.
وألقى كلمة أهل الفقيد الأستاذ سليمان يونس الذّي ذكره كأخٍ له بقوله: أخٌ كبيرٌ في كلِّ شيء.. في حبّه وعطائه.. في أخوتهِ.. في ثقافتهِ.. في معاملتِهِ مع النّاسِ، كانَ لهُ الفضلُ عَلينا جميعاً؛ علّمنا كيفَ نقرأُ؟ وماذا نقرأُ؟.